العمل مع هذا الرجاء أعلى من العمل مع الخوف ، فإنّ مثل هذا الرجاء ينبئ عن عبودية صاحبه له عزوجل ، وقوّة معرفته به ، وخوفه منه ، ويكشف عن محبة صاحبه لله تعالى وعلى قدر قوّة المعرفة وشدّة الحب والإخلاص تكون درجات الرّجاء وعلى ذلك يحمل ما ورد في القرآن الكريم من الاختلاف في ذكر المرجو ، قال تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) [الأحزاب ـ ٢١] ، وقال تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) [الكهف ـ ١١٠] ، وقال تعالى : (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) [البقرة ـ ٢١٨] ، وقال تعالى : (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) [العنكبوت ـ ٣٦] ، وقال تعالى : (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) [فاطر ـ ٢٩].
ثم إنّ الرجاء ـ كسائر الفضائل ـ لا بد أن لا يخرج عما هو المطلوب وإلا كان مذموما ، وهو الحد الوسط بين اليأس والقنوط وبين الرجاء بلا عمل.
وللرجاء فوائد وحكم ظاهرة في الدنيا والآخرة ، نذكر المهم منها :
منها : تمامية الإيمان والخلوص والإخلاص فيه والحب لله تعالى.
ومنها : ظهور العبودية المحضة لله تعالى على القلب والجوارح ، وإحساس الافتقار إليه عزوجل.
ومنها : جعل صاحبه مثابرا على الجد والاجتهاد.
ومنها : حصول الاطمينان والسعادة ، فإنّ الرجاء بالمبدأ القيوم الحيّ يؤثر في النفس ويبعد عنها القلق والاضطراب ، لأنّه يرى نفسه متعلّقة بالمبدأ القيوم الذي لا حدّ لقدرته وفضله ، ولذا نرى أنّ المؤمنين الراجين أسعد الناس بالا وأبعدهم عن القلق والاضطراب.
ومنها : حصول المراقبة التي هي من أفضل مقامات الأولياء.
ومنها : أنّه ارتباط معنوي وذكر حالي لله جلّت عظمته ، في جميع الأحوال.
ومنها : أنّه يرغب صاحبه على العمل ويحرّضه على الجهد والاجتهاد