من أعدائكم ، ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا : بلى. قال : تدعون ربكم بالليل والنهار فإنّ سلاح المؤمن الدعاء».
وعنه (صلىاللهعليهوآله) : «ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء» إلى غير ذلك من الأخبار المذكورة في كتب الفريقين.
حقيقة الدعاء :
الدعاء : هو الوسيلة بين العبد وخالقه ، واتصال من عالم الملك بعالم الملكوت الذي هو من أهم الأسباب الطبيعية الاختيارية الواقعية لنجح المطلوب والنيل إلى المقصود ، فإنّه كما تترتب المسببات على الأسباب المقتضية لها ، فإنّ قانون السببية الذي جعله الله تعالى وسيلة لتحقق المسببات الوجودية من دون أن يكون في البين فيض من الأسباب مستقلة من دون الله تعالى ، كذلك فإنّ للإنسان شعورا باطنيا وحسا وجدانيا أنّ له ملجأ يأوي إليه في حوائجه ليقضيها ، وأنّ له سببا معطيا لا ينضب معينه وهو مسبّب الأسباب ، وهو ليس كالأسباب الظاهرية التي يمكن أن يتخلف عنها أثرها. وهذا الشعور الباطني يمكن أن يشتد عند فرد بحيث لا يرى للمسببات إلا سببا واحدا وينقطع عن أي سبب دونه ، فيعتصم به ولا يتخلّى عنه ويتوكل عليه في كلّ حوائجه ، فتنكشف لديه الأشياء على حقائقها ويرى زيف الأسباب.
نعم ، قد يعرض على هذا الشعور الباطني والحسي الوجداني بعض الظلمات والأوهام فيوجب طمس هذا النور الفطري أو خفائه تبعا لشدة ما يتخيله وضعفه ، فيتخيل خلاف ما هو المركوز في فطرته ، وهذا لا يختص بهذا النور الفطري بل يشمل جميع ما يتعلق بالفطرة والشعور الباطني ، ولذا قد يرجع ويفيء إلى فطرته عند تزاحم المشاكل وعدم نفع أي سبب في رفعها ، كما ورد في قضية من ركب البحر فانكسرت به السفينة وأيقن بالهلاك فعند ذلك يدعو من ينجيه ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ