لكان موجبا لتقييد الحكم.
وثانيا (١) : بأنّ مناسبة الحكم والموضوع تقتضي تعلّق النقض بمطلق اليقين ، فإنّ النقض ـ كما سيجيء ـ لا يتعلّق إلّا بالأمر المبرم المحكم ، كالعهد ، فيقال : نقضت العهد ، وأيّ مناسبة لليقين بالوضوء بالخصوص مع النقض؟ بل يناسب تعلّق النقض بمطلق اليقين.
وثالثا (٢) : بأنّ قوله : «لا ينقض اليقين بالشكّ أبدا» سيّما مع لفظ «أبدا» وتطبيقه على غير الوضوء أيضا في روايات أخر قضيّة ارتكازية للعقلاء ، وتقرير لما هو المرتكز في أذهانهم من عدم رفع اليد عن الأمر المبرم بواسطة أمر غير مبرم ، ضرورة أنّ كلّ عاقل يأخذ بالمبرم ولا يتركه إذا دار الأمر بينه وبين الأخذ بغير المبرم.
ولا ينافي هذا إنكار استقرار بناء العقلاء ، وجريان سيرتهم على العمل
__________________
(١) لا بأس في هذا في مقام تأييد التعميم ، أمّا كونه قرينة لصرف الظهور فغير صحيح ، لأنّ القرينة ما يصرف اللفظ عن الظهور الّذي لولاها لكان ظاهرا فيه ، نحو «يرمي» في «رأيت أسدا يرمي» وليس الأمر هكذا فيما نحن فيه ، فإنّ اليقين ظاهر في اليقين بالوضوء ، ولا يوجب هذا صرف ظهوره فيه عنه إلى غيره عند العرف. (م).
(٢) الحقّ أنّ تطبيق هذه الكبرى في روايات أخر على غير الوضوء لا يوجب ظهورها هنا في غيره ، فإنّ المنفصل من القرائن لا يصرف ظهور «اليقين» الظاهر في اليقين بالوضوء عنه إلى غيره حتى يكون المراد من اليقين هو الأعمّ فيثبت حجّيّة الاستصحاب في غير الوضوء أيضا.
وبعبارة أخرى : لا تكون تلك الروايات بمنزلة «يرمي» في «رأيت أسدا يرمي» الّذي يصرف ظهور «أسد» في الحيوان المفترس.
وأمّا قوله : «أبدا» فظهوره في الدوام ممّا لا إشكال فيه ، لكن ليس فيه دلالة على المدّعى ، فإنّ صحّة استعماله في الخاصّ أيضا لا تنكر ، فإنّه يصحّ أن يقال : اليقين بالوضوء لا ينقض بالشكّ أبدا. وإذا قال : لا أتوضّأ من ماء غير الأنبوب أبدا ، ليس معناه أنّي لا أغتسل منه أيضا ولا أشرب وهكذا. (م).