نعم ، هناك رواية واحدة ربّما يتوهّم كونها مؤيّدة لما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره من كون المجعول الأوّلي هو قاعدة الفراغ ، وإنّما ألحقت بها قاعدة التجاوز بالحكومة ، وهي رواية موثّقة ابن أبي يعفور «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء ، إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» (١) بناء على رجوع الضمير في «غيره» إلى الوضوء ، فإنّه بناء على هذا يستفاد من الرواية حكم كلّي ، وهو الاعتناء بالشكّ قبل الفراغ والتجاوز عن العمل ، وعدم الاعتناء به بعد ذلك ، فإنّ ظاهرها أنّ الإمام ـ سلام الله عليه ـ في مقام إعطاء ضابط كلّي جار في جميع موارد الشكّ ، لا أنّه حكم مختصّ بالوضوء ، بل الظاهر أنّه عليهالسلام طبّق هذا الضابط الكلّي على مورد الوضوء ، فمقتضى هذه الرواية أنّ الشكّ في أثناء العمل لا بدّ من الاعتناء به ، خرج عن هذا العموم خصوص الصلاة بدليل خاصّ.
وفيه : أنّ هذه الرواية لا بدّ من رفع اليد عنها بصحيحتي زرارة (٢) وإسماعيل بن جابر (٣) ، فإنّهما صريحتان في أنّ الشكّ في أثناء العمل بعد التجاوز عن المشكوك فيه لا يعتنى به ، فإنّ موردهما هو الشكّ في الأثناء فتقدّمان ، لأقوائيّة سندهما.
هذا ، مضافا إلى احتمال رجوع الضمير إلى الشيء المشكوك فيه في قوله عليهالسلام : «إذا شككت في شيء من الوضوء» والعلم الخارجي بأنّ الشكّ في
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٢ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٢ ـ ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل ، الحديث ١.
(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٨ ـ ١٣٥٩ ، الوسائل ٦ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٤.