وحلّ المطلب : أنّ الأمر في الاستصحاب وصدق نقض اليقين بالشكّ لو كان مبنيّا على الدقّة ، لكان الأمر كما أفاده ، وقد عرفت أنّ لازمه إنكار حجّيّة الاستصحاب بالمرّة.
وأمّا لو كان الأمر مبنيّا على المسامحة العرفيّة ، وأنّ نقض اليقين بالشكّ عرفا هو رفع اليد عملا عن اليقين بشيء في زمان ـ كعدالة زيد في يوم الجمعة ـ بواسطة الشكّ في بقاء ذلك الشيء بعينه بعد ذلك الزمان ولا يعتبر أزيد من ذلك في اعتبار الاستصحاب ، فلا بدّ من التعميم بالنسبة إلى جميع الموارد ، ولا وجه للتفصيل ، وحيث لا يمكن إنكار الاستصحاب على الإطلاق ، فلا مناص عن عدم الفرق بين الشكّ في المقتضي والمانع ، والعناية المصحّحة لاستعمال النقض وإسناده إلى اليقين في جميع الموارد هي أنّ اليقين أمر مبرم مستحكم في قبال الظنّ والشكّ اللذين لا يكونان كذلك.
ثمّ لو أغمضنا عن جميع ذلك ، فما ذكر إنّما يتمّ في استصحاب الأحكام التي اعتبار إرسالها وتقييدها بيد الشارع ، وأمّا في الموضوعات التي ليست كذلك فيرد عليه ما أورده الشيخ نفسه على المحقّق القمّي (١) من أنّه يلزم الهرج والمرج في الفقه ، إذ في غالب الموارد لا يعلم مقدار الاستعداد ، ولا يدخل تحت ضابطة ، ويتفاوت الحال بالنسبة إلى الصحيح والمريض ، والضعيف والقويّ ، والشابّ والشائب ، وغير ذلك من الحالات التي يختلف مقدار الاستعداد باختلافها.
بقي الكلام فيما أفاده من التفصيل بين ما كان دليل المستصحب هو الكتاب أو السنّة أو الإجماع ، فيجري الاستصحاب ، وبين ما كان دليله هو العقل
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.