نعم ، لا يجري لو أنكرنا جريانه في الأحكام كما أنكرناه.
التنبيه السادس : أنّ المستصحب ربما يكون حكما ثابتا على موضوع فعليّ على كلّ تقدير ، وشكّ في بقائه ، ويسمّى هذا بالاستصحاب التنجيزي ، وربما يكون حكما ثابتا على موضوع على تقدير وبعنوان خاصّ ، وشكّ في بقائه على نحو ثبوته من كونه على تقدير ، لزوال العنوان ، ويسمّى هذا بالاستصحاب التعليقي والتقديري.
والشكّ في بقاء الحكم من غير جهة النسخ لا محالة يكون من جهة انقلاب وجود إلى عدم أو عدم إلى وجود ، بمعنى زوال عنوان مأخوذ في الموضوع وخصوصيّة كذلك أو قيام صفة لم تكن قائمة به ، وإلّا فلو لم يتغيّر الموضوع بوجه ويبقى على حاله من غير زيادة ولا نقصان ، لا يعقل الشكّ في بقاء حكمه ـ بعدم عدم احتمال النسخ ـ إلّا من جهة احتمال البداء بمعناه الحقيقي الّذي هو ظهور ما خفي ، وهو مستحيل في حقّه تعالى.
وليعلم أنّ النزاع في جريان الاستصحاب التعليقي وعدمه مبنيّ على القول بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة الإلهيّة ، وأمّا على ما أنكرناه من جهة معارضته باستصحاب عدم الجعل فلا يبقى لهذا النزاع مجال أصلا.
ثمّ إنّ العنوان المأخوذ في موضوع الحكم إمّا يكون ممّا لا دخل له في ثبوت الحكم أصلا ، بل هو في نظر العرف معرّف للمعنون ـ سواء صدق عليه هذا العنوان أم لا ـ بحيث لو تبدّل الموضوع وزال عنه ذلك العنوان وتلك الخصوصيّة المأخوذة فيه ، لا يشكّ العرف في ثبوت الحكم له ، مثلا : عنوان العنب أو الحنطة ليس له دخل في ثبوت الحلّيّة للعنب أو الحنطة بحيث لو صار العنب زبيبا أو الحنطة دقيقا ، يشكّ العرف في شمول دليل حلّيّة العنب له أو دليل حلّيّة الحنطة ، بل نفس هذا الدليل في نظر العرف دليل على حلّيّتهما أيضا.