فإنّها كانت نجسة بما أنّها مفتى بها ، فلا مجال لاستصحابها بعد ما رجع المفتي عن فتواه ، لأنّه إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر ، لعدم وجود حالة سابقة متيقّنة للمشكوك بعنوانه حتى يمكن استصحابه ، بل المشكوك كان محكوما بحكم النجاسة لا بعنوانه بل بعنوان أنّه مفتى به.
وبالجملة ، الإشكال جار على مبنى الطريقيّة والسببيّة على الوجه الثاني.
وقد تصدّى لدفع هذا الإشكال صاحب الكفاية قدسسره بأنّ أدلّة الاستصحاب ناظرة إلى مرحلة البقاء ، وتثبت الملازمة بين الحدوث والبقاء ، وأنّ ما ثبت يدوم. وبعبارة أخرى : دليل الاستصحاب منجّز بقاء ، كما أنّ الأمارة منجّزة للواقع على تقدير ثبوته حدوثا ، فعند قيام الأمارة على الحدوث وتنجّز الواقع حدوثا بدليل الأمارة يثبت تنجّزه بقاء أيضا بدليل الاستصحاب.
والحاصل : أنّ احتمال الثبوت احتمالا منجّزا كاف في الاستصحاب ، فكما أنّ الشارع إذا أثبت الملازمة بين وجوب القصر ووجوب الإفطار بقوله : «إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت» وقام دليل على وجوب القصر في موضع خاصّ ، نحكم بوجوب الإفطار أيضا بمقتضى تلك الملازمة التعبّديّة كذلك في المقام إذا قامت أمارة على حكم وشكّ في بقائه على تقدير ثبوته ، يحكم بالبقاء بمقتضى تلك الملازمة التعبّديّة التي أثبتها الشارع بين الحدوث والبقاء ، إذا المنجّز للملزوم أو الملازم منجّز للّازم أو الملازم أيضا إذا كانت الملازمة شرعيّة.
ثمّ أورد على نفسه بأنّ اليقين أخذ في موضوع الاستصحاب ، فكيف يستصحب ما لا يكون المكلّف على يقين من حدوثه!؟
وأجاب عنه بأنّ اليقين أخذ في موضوع الاستصحاب بما أنّه طريق إلى