شرائط التكليف كلّها شرائط للّحاظ (١) ، وهكذا ما أفاده في باب جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه (٢) ، خلط لمقام الجعل بمقام المجعول ولشرط الاعتبار بشرط المعتبر ، فإنّ لحاظ جميع ما له دخل في التكليف أو الوضع شرط في مقام الاعتبار الّذي هو فعل من أفعال المولى ، لا في المعتبر الّذي هو الحكم ، كما لا يخفى.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ هذه الأمور بأجمعها أمور انتزاعيّة. وأمّا الأمور الاعتباريّة فهي نفس الأحكام التكليفيّة أو الوضعيّة ، وقد عرفت الفرق بينهما ، ولا وجه للخلط بينهما وجعل الأمر الاعتباري مرادفا للأمر الانتزاعي ، وإطلاق أحدهما على الآخر.
وبالجملة ، السببيّة والشرطيّة والمانعيّة للتكليف أو المكلّف به ، التي يبحث عنها في المقام قابلة للجعل بتبع جعل منشأ انتزاعها وهو الأمر بالصلاة عند الدلوك ، أو الحجّ عند الاستطاعة ، أو الصوم عند عدم الحيض والسفر ، وليس لحاظ هذه الأمور شرطا للتكليف ، بل الدلوك بواقعه وحقيقته له دخل في التكليف ، وكذلك واقع الاستطاعة شرط لوجوب الحجّ ، وواقع الحيض والسفر مانع عن وجوب الصوم.
بقي الكلام فيما أفاده الشيخ قدسسره من أنّ سائر الأحكام الوضعيّة مثل الملكيّة والزوجيّة والرقّيّة والوقفيّة وغيرها ليست مجعولة بالاستقلال ، بل هي مجعولة بالتبع ، فإنّها منتزعة عن أحكام تكليفية (٣).
__________________
(١) كفاية الأصول : ١١٨ ـ ١٢٠. يعني أنّ الشّرط هو لحاظ ما يسمّى الشرط لا نفسه بوجوده الخارجي.
(٢) كفاية الأصول : ١٦٩ ـ ١٧٠.
(٣) فرائد الأصول : ٣٥٠ ـ ٣٥١.