قاضيا» أو «واليا» فليس من الحكم الوضعي (١).
وما أفاده قدسسره من الفرق إن كان مجرّد اصطلاح ، فلا مناقشة فيه ، وإن كان من جهة أنّ تحته مطلبا ، فليس الأمر كذلك ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «اخرجوا مع جيش أسامة» (٢) أمر مولوي تجب بحكم العقل إطاعته مع أنّه شخصي متوجّه إلى أولئك الثلاثة دون سائر المسلمين ، وهكذا بالقياس إلى الحكم الوضعي ، فكما يمكن أن يكون الحكم تكليفيّا أو وضعيّا مجعولا بنحو القضيّة الحقيقيّة كذلك يمكن أن يكون مجعولا بنحو القضيّة الشخصيّة.
فتحصّل من جميع ما ذكر أنّ الأحكام الوضعيّة كلّها مجعولة إمّا مستقلّة أو تبعا ، ولا مانع من استصحابها.
نعم ، الحكم الوضعي المجعول تبعا ـ كالجزئيّة والشرطيّة ونحوهما ـ لا فائدة في استصحابه ، لوجود الأصل الحاكم في مورده دائما ، وهو الاستصحاب في طرف منشأ انتزاعه الّذي هو الأمر بالمركّب ، فإذا شكّ في بقاء شرطيّة الوضوء للصلاة مثلا وعدمه ، فاستصحاب بقاء الإيجاب المتعلّق بالصلاة المتقيّدة بالطهارة حاكم على استصحاب بقاء الشرطيّة ، لكونها منتزعة عن ذلك الأمر ، وقد يعبّر من جهة سهولة التعبير باستصحاب الشرطيّة.
ولا يخفى أنّ الشرطيّة أو الجزئيّة بعد هذا الاستصحاب جزئيّة ظاهريّة وشرطيّة كذلك ، كما أنّ الأمر بالمقيّد بالطهارة أو المركّب من السورة وغيرها أمر ظاهري.
ومن مطاوي ما ذكرنا ظهر أنّ شيئا من التفاصيل المذكورة التي منها التفصيل بين الحكم الوضعي وغيره لا يرجع إلى محصّل ، والتحقيق ما اخترناه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٨٣.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٢ : ١٨٦ ، والسيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٤ : ٣٠٠ ، نقلا بالمعنى.