العرفيتين اللتين يعتبرهما العرف والعقلاء ، وأنّ هذا الاعتبار لمصلحة واقعيّة أو مفسدة كذلك مترتّبة على الطاهر والنجس ، فكلّ حكم شرعي يكون كذلك ولا يختصّ بهما ، ويشهد لذلك أيضا حكم الشارع بطهارة المشكوك ، كما يستفاد من قوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنّه قذر» (١) ضرورة أنّ حمله على الإخبار لا يمكن ، لأنّه خلاف الواقع ، فلا بدّ من حمله على الإنشاء ، وأنّه اعتبر الطهارة الظاهريّة للمشكوك.
وتوهّم كونه تنزيلا نظير «الفقّاع خمر» أو «الطواف بالبيت صلاة» فاسد ، إذ لازمه ترتّب جميع آثار الطاهر الواقعي على المشكوك في ظرف الشكّ وعدم العلم بالقذارة ، فلو توضّأ بماء مشكوك النجاسة ثمّ انكشفت نجاسته ، فوضوؤه صحيح يجوز له الدخول في الصلاة مع هذا الوضوء وإن لا يجوز أن يتوضّأ بعد ذلك من هذا الماء ، ومن البعيد التزام الشيخ قدسسره أو غيره ممّن يقول بمقالته بذلك ، مع دلالة موثّقة عمّار (٢) على خلاف ذلك أيضا.
وممّا وقع النزاع فيه الصحّة والفساد ، فقيل : إنّهما أمران واقعيّان لا تنالهما يد الجعل. وقيل : كلاهما مجعول.
وفصّل صاحب الكفاية بين العبادات ، فذهب إلى أنّ الصحّة فيها بمعنى انطباق المأمور به على المأتيّ به ، وهو أمر واقعي غير قابل للجعل ، وبين المعاملات ، فالتزم بأنّ الصحّة فيها بمعنى ترتّب الأثر ، وهو أمر قابل للجعل ، فهي مجعولة بتبع جعل الملكيّة أو الزوجيّة وغير ذلك من الأحكام الوضعيّة (٣).
وفيه : ما أشرنا إليه سابقا من أنّ الصحّة والفساد وصفان للموجود
__________________
(١ و ٢) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ـ ٨٣٢ ، الوسائل ٣ : ٤٦٧ ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤.
(٣) كفاية الأصول : ٢٢١ ـ ٢٢٢.