الاستصحاب والقاعدة على وجه الطريقيّة (١).
وهذا الوجه أيضا كسابقه ، فإنّ معنى «لا تنقض اليقين بالشكّ» أنّه افرض نفسك متيقّنة ، وهذا يختلف باختلاف الموارد ، ففي مورد الاستصحاب حيث يكون الشكّ في البقاء ، فلا بدّ من فرض النّفس متيقّنة بالبقاء ، وفي قاعدة اليقين لا بدّ من فرضها متيقّنة بالحدوث ، لتعلّق الشكّ به.
وما ذكره أخيرا ـ من إمكان الاستعمال بلحاظ حال التلبّس إذا أخذ اليقين موضوعا ـ وإن كان تامّا إلّا أنّه غير محتاج إليه في المقام ، والاستعمال بهذا اللحاظ يصحّ ولو أخذ اليقين على وجه الطريقيّة.
ثالثها : أنّ الزمان في باب الاستصحاب أخذ ظرفا ، وفي قاعدة اليقين أخذ موضوعا ، ولا يمكن الجميع بين لحاظ الشيء ظرفا وعدمه كذلك في استعمال واحد (٢).
وجوابه أيضا ظهر ممّا ذكرنا ، فإنّه إذا كانت الوظيفة عدم نقض طبيعيّ اليقين بطبيعيّ الشكّ ، فموضوع الحكم هو اليقين والشكّ المرتبط به من دون نظر إلى متعلّقه ، وأنّه مقيّد بالزمان أو غير مقيّد ، بل اليقين ـ كان متعلّقه مقيّدا بالزمان أو غير مقيّد به ـ لا بدّ وأن لا ينقض بالشكّ.
فظهر أنّ المانع الثبوتي مفقود في المقام ولا محذور في شمول دليل واحد لكلتا القاعدتين ، إلّا أنّ ظاهر أخبار الباب بقرينة موردها هو الاختصاص بالاستصحاب ، فإنّ اليقين والشكّ أخذا موضوعين للحكم بحرمة النقض ، ومن المعلوم أنّ موضوع كلّ حكم لا بدّ من تحقّقه خارجا في كونه محكوما بالحكم ، ولا يكفي تحقّقه في زمان للحكم به في أيّ زمان ، مثلا : لا يكفي كون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٥٢.