وممّا استدلّ به أيضا : روايتان مرويّتان عن أمير المؤمنين عليهالسلام :
إحداهما : قوله عليهالسلام : «من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه» (١) إلى آخره.
والأخرى : قوله عليهالسلام : «من كان على يقين فأصابه شكّ» (٢) إلى آخره.
وأورد على الاستدلال بهما بأنّهما ظاهرتان في اختلاف زماني الشكّ واليقين بقرينة «من كان» و «فأصابه شكّ» و «فشكّ» ولا يعتبر ذلك في الاستصحاب ، فهما ـ بهذه القرينة وقرينة حذف المتعلّق ، الظاهر في اتّحاد متعلّقي اليقين والشكّ ـ منطبقتان على قاعدة اليقين لا الاستصحاب (٣).
وفيه : أنّ الغالب في موارد الاستصحاب هو : اختلاف زماني اليقين والشكّ حدوثا ، وسبق حدوث اليقين على الشكّ ـ وإن كان يمكن سبق حدوث الشكّ أيضا ـ وإن كان زماناهما متّحدين بقاء ، فهذه الغلبة الخارجيّة صارت سببا للتعبير عن قاعدة الاستصحاب بما يكون ظاهرا في سبق زمان اليقين على زمان الشكّ ، ولذا قال عليهالسلام في الرواية السابقة : «لأنّك كنت على يقين ، فشككت».
هذا ، مع أنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «فليمض على يقينه» أنّ اليقين محفوظ حال المضيّ ، وهو في القاعدة غير محفوظ ، بل يزول وينعدم بمجرّد الشكّ ، فلا تنطبق الروايتان إلّا على الاستصحاب.
وذكر الشيخ قدسسره في هامش الرسالة ـ ونسبه بعض إلى سيّد مشايخنا
__________________
(١) الخصال : ٦١٩ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٦.
(٢) الإرشاد ـ للمفيد ـ ١ : ٣٠٢ ، مستدرك الوسائل ١ : ٢٢٨ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٤.
(٣) المورد هو الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره في فرائد الأصول : ٣٣٣.