«تفسير مقاتل أقدم تفسير كامل للقرآن وصل إلينا» (١) إذا ما علمنا كذلك أن منهج مقاتل قريب من منهج زيد في تفسيره وأن زيدا توفي قبله بثلاثين سنة.
٣ ـ إنه أول كتاب كامل نعلم يقينا أنه ألّف في غريب القرآن ، وبهذا يبطل الرأي القائل بأن كتاب أبان بن تغلب (ت ١٤١ ه) هو المتقدم في هذا النوع من الكتب (٢). ولعل كتاب أبان قد اعتمد بشكل ما على كتاب زيد هذا لأن أبانا قد روى عن زيد.
٤ ـ إنه من الكتب القلائل التي وصلت إلينا وقد ألّفها أصحابها في عصر الاحتجاج اللغوي أي قبل منتصف القرن الثاني الهجري وهذا يعني أن كل كلمة فيه يمكن أن تكون حجة يستفاد منها في دراسات علوم العربية.
٥ ـ إن زيدا يذكر في هذا الكتاب كثيرا من الآراء التي سبقته من التابعين أو الصحابة وإذا ما عرفنا أن كثيرا منها موجود نصا في كتاب تفسير الطبري فيكون بذلك حلقة وصل بين الآراء التي قيلت في القرن الأول والكتب التي ألفت في القرن الثالث وجمعت هذه الآراء. وبمطابقة ما ورد في هذا الكتاب وكتاب تفسير الطبري في أحيان كثيرة نقدم دليلا كبيرا يخرس به كل المتشككين من المستشرقين في صحة ما ذكره الطبري من أسانيد في كتابه القيم في التفسير.
٦ ـ إن هذا الكتاب سوف يخدم كل الباحثين في التطور اللغوي الدلالي لأن المصادر التي وردت إلينا عن طبيعة اللغة الفصحى في القرن الثاني الهجري ليست كافية وهذا الكتاب يسد بعض الخلة من هذه الناحية.
٧ ـ إن وجود هذا الكتاب بعث الأمل في إخراج معجم لغوي يذكر فيه تطور الدلالات عبر القرون وليس يخفى على كل دارس مدى أهمية مثل هذا المعجم.
٨ ـ لم تقتصر فائدة هذا الكتاب على بيان المعاني الغريبة وإنما ذكر فوائد لغوية عديدة تتمثل في اللهجات والكلمات الأجنبية المعربة وجموع التكسير والمشتركات اللفظية والمترادفات والمتضادات إلى غير ذلك. ولا شك أن لقدم هذا الكتاب ما يعطي لهذه الفوائد أهمية أكبر كما هو واضح.
٩ ـ هذا الكتاب مهم جدا في علمي التفسير والقراءات فقد حوى منهما الكثير.
١٠ ـ بعد أن توصلت إلى أن أبا عبيدة قد استفاد من هذا الكتاب عند تأليف كتابه المجاز نستطيع أن نخمن أثره في كتب علوم اللغة العربية وأهميته في هذه العلوم فإذا كان عالم ولغوي كبير مثل أبي عبيدة قد نهل منه في كتابه ووجد به بعض ضالته. فإن الأحرى بنا أن نعطيه حقه من دراساتنا القادمة إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) القرآن والتفسير ١٠٤.
(٢) انظر المعجم العربي ١ / ٣٩ وفصول في فقه العربية ١١٠.