فخاطب شاهدا فقال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ») (١) وهذا الجزء من كلام زيد موجود بحرفه في كتاب المجاز (٢). ثم استشهد زيد ببيت لعنترة بن شداد وآخر لأبي ذؤيب الهذلي (٣) وقد استشهد بهما أيضا أبو عبيدة (٤). غير أنه قال أن البيت الثاني لأبي كبير الهذلي.
كما اشترك زيد وأبو عبيدة في الاستشهاد بأمثال العرب وأشعارها في تفسير سورة الفاتحة في هذا الكتاب فاستشهد زيد على صحة تفسير قوله تعالى : بسم الله بشعر لعبد الله بن رواحة الآتي :
بسم الله وبه بدينا |
|
ولو عبدنا غيره شقينا (٥) |
ومثله فعل أبو عبيدة (٦). واستشهد زيد على صحة تفسيره لكلمة الدين في قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالمثل (كما تدين تدان) (٧) وفعل أبو عبيدة الشيء نفسه (٨). وهناك تشابه كثير آخر بين الكتابين. ولا أقصد من كلامي هذا أن أبا عبيدة قد نقل كتب زيد حرفيا وإنما أخذ منهما الشيء الكثير.
أهمية الكتاب :
تكمن أهمية الكتاب الأساسية في قدمه فهو من أقدم الكتب التي وصلت إلينا في علمي اللغة والتفسير. وعلى الرغم من أن زيدا لم يذكر سنة تأليفه ولم تذكر المصادر شيئا عن ذلك أيضا فإننا نستطيع أن نخمن أنه ألّفه بعد سنة مائة وثمان عشرة للهجرة وذلك لأن الرواية التي رجحتها لوفاته سنة مائة وعشرين ، وأنه أخرج من المدينة إلى الشام وبقي فيها مدة ثم انتقل إلى الكوفة وبقي فيها بضعة عشر شهرا قضاها متخفيا يعد لثورته أي أن المدة التي كان مشغولا فيها سنتان أو يزيد. وهذا القدم في التأليف يكشف عن أهميته فيما يأتي.
١ ـ بعد عثورنا على هذا الكتاب يبطل رأي من ذهب إلى أن أول كتاب فسّر القرآن الكريم آية آية هو معاني القرآن للفراء (٩) أو أول كتاب وصل إلينا يفسر القرآن بهذه الطريقة هو مجاز القرآن لأبي عبيدة (١٠).
٢ ـ بعد اطلاعنا على هذا الكتاب يبطل رأي الدكتور عبد الله محمود شحاته أن :
__________________
(١) تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن ٤.
(٢) مجاز القرآن ١ / ٢٣.
(٣) انظر تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن ٤.
(٤) مجاز القرآن ١ / ٢٣.
(٥) انظر تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن.
(٦) انظر المجاز ١ / ٢١.
(٧) تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن ٢.
(٨) انظر المجاز ١ / ٢٣.
(٩) انظر ضحى الاسلام ٢ / ١٤٠ ـ ١٤١.
(١٠) انظر اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث ٢٧ والفكر الديني في مواجهة العصر ٣١.