علي رضوان الله عليهما وحمل المال إليه والخروج معه» (١) وذكر ابن البزاز أن زيدا قد أرسل إلى أبي حنيفة «يدعوه إلى البيعة فقال لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه لأنه إمام بحق ولكن أعينه بمالي فبعث إليه بعشرة آلاف درهم وقال للرسول أبسط عذري عنده. وفي رواية اعتذر إليه بمرض يعتريه ... وسئل عن خروجه فقال ضاهى خروج رسول الله (ص) يوم بدر ؛ فقيل له لم تخلفت عنه فقال حبسني عنه ودائع الناس عرضتها على ابن أبي ليلى فلم يقبل فخفت أن أموت مجهلا وكان كلما ذكر خروجه بكى» (٢).
وقال إمام الشيعة جعفر الصادق عند ما سئل قبل خروج زيد في بيعته فقال بايعوه (٣). وهذه الرواية وغيرها تنبىء عن وجود تنسيق بينهما وقد فطن إلى ذلك ناجي حسن (٤).
٢ ـ إن أول ما أطلق لفظ الزيدية على طائفة من الناس لم يكن على أساس انتمائهم لمذهب معين وإنما كان إطلاق اللفظ سياسيا وخص به الجماعة التي استمرت في مناصرة زيد بعد أن تخاذل عنه بعض من سبق أن بايعه وسموا بالرافضة (٥) أي أن الذين أطلق عليهم لفظ الزيدية بادىء الأمر كانوا من مذاهب مختلفة يجمعهم رأي واحد هو مناصرة زيد.
٣ ـ لعل من مرجحات من ذهب إلى أن زيدا كان صاحب مذهب مستقل ظنه بأنه كان يدعو إلى نفسه في أثناء قيامه بالثورة (٦) لكن الوقائع لا تؤيد هذا القول فنص البيعة الذي بويع به زيد ينص على نصرة آل البيت. ولا يوجد ما يدل على أنه كان يدعو لنفسه. وكذلك رسائله التي بعثها إلى الأمصار للحث على الثورة كانت تؤكد أنه في حالة النصر تكون القيادة العامة للمسلمين لمن يقع عليه الاختيار فقد جاء في إحدى رسائله : «ولسنا نريد اليوم غير هذا حتى نرى من أمرنا فإن أتمّ الله لنا ولكم ما نرجو كان أحق لهذا الأمر أن يتولى أمركم الموثوق عند المسلمين بدينه ، وفهمه ، وبابه ، وعلمه بكتاب الله وسنن الحق من أهل بيت نبيكم. فإن
__________________
(١) الكشاف ١ / ٣٠٩.
(٢) مناقب الإمام ابي حنيفة ١ / ٢٥٥ وانظر الحدائق الوردية ١ / ٣١٨.
(٣) انظر الكامل لابن الأثير ٥ / ٢٤٣ ونهاية الارب ٢٥ / ٤٠٢ والمواعظ والاعتبار ٢ / ٤٣٩. وجاء في كتاب رسائل العدل والتوحيد مثل هذه الرواية منقولة عن الامام محمد الباقر وهذه الرواية فيها نظر لأن زيدا لم يدع إلى الثورة في زمانه أنظر ٨٠.
(٤) انظر هذه القصة واختلاف ما ذكروه من رأي لزيد حولها في نسب قريش ٦١ والمحبر ٤٨٣ ومقالات الاسلاميين ١ / ١٣٦ ورسائل العدل والتوحيد ٨١ والحور العين ١٨٤ والكامل لابن الأثير ٥ / ٢٤٣ والوافي بالوفيات ١٥ / ٣٣ وتهذيب الكمال ١ / ٤٥٦ والبدء والتاريخ ٥ / ٥٠ وحياة الحيوان ٢ / ١٣٧ وعمدة الطالب ٢٥٦ والمواعظ والاعتبار ٢ / ٤٣٩ والعبر للذهبي ١ / ١٥٤ والفرق بين الفرق للبغدادي ٢٥ ـ ٢٦ وغيرها.
(٥) انظر الارشاد ٢٦٨.
(٦) انظر ثورة زيد ١٤٤ وانظر روايات أخرى تفيد التنسيق بين الامام الصادق وزيد في رسائل العدل والتوحيد ٨٠ والبداية والنهاية ٩ / ٣٣٠ وعيون أخبار الرضا ١٩٥.