الفصل الثالث والعشرون
خلق الجنة والنار
اختلفت أقوال المتكلمين والمفسرين في أنّ الجنة والنار هل هما مخلوقتان بالفعل ، أو ستخلقان في المستقبل ؟ واختار كلٌ منهما طائفة.
فأكثر المتكلّمين والمحدثين على الرأي الأوّل.
قال الصدوق : اعتقادنا في الجنة والنار انّهما مخلوقتان وانّ النبي قد دخل الجنة ورأى النار حين عرج به. (١)
قال المفيد : إنّ الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان ، وبذلك جاءت الأخبار وعليه إجماع أهل الشرع والآثار ، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ، فزعم أكثر من سميناه انّ ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجائز دون الواجب. (٢)
ووقفوا في الوارد به من الآثار ، وقال من بقي منهم بإحالة خلقهما ، واختلفوا في الاعتلال ، فقال أبو هاشم بن الجبائي : إنّ ذلك محال لأنّه لابدّ من فناء العالم قبل نشره وفناء بعض الأجسام فناء لسائرها ، وقد انعقد الإجماع على أنّ الله تعالى لا
__________________
١. اعتقادات الصدوق : ٨٩.
٢. لعلّ المراد من الجائز هو الممكن ومن الواجب المتحقق.