إنّ الموت عبارة عن اندثار أجزاء البدن واختلاط ذراته ، فكيف يمكن حشر جميع الناس وقد امتزجت ذرات أبدانهم الرميمة بعضها مع بعض في الدنيا ؟ وقد أشار الذكر الحكيم إلى تلك الشبهة وجوابها وقال : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ). (١) والشبهة وإن لم تكن مذكورة صريحة لكن التأكيد علىٰ علمه سبحانه بالغيب وعدم عزوب مثقال ذرة عنه يوضح لنا حقيقة الشبهة ، لذلك نرى انّه سبحانه يؤكد في آية أُخرى على علمه بكلّ شيء ، قال سبحانه : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ). (٢) والإمعان في الآية يرشدنا إلى أنّ شبهتهم تدور حول محورين :
الأوّل : امتناع تعلّق القدرة بإحياء العظام الرميمة.
الثاني : عدم إمكان تشخيص الأجزاء المتفرقة.
والله سبحانه يجيب عن الشبهة الثانية في الآية نفسها بقوله : ( وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ).
إلى هنا تمّ بيان الدوافع النفسية والسياسية والشبهات التي طرحوها والتي كانت تصدّهم عن الإيمان بالمعاد ، فلنأت بملخص شبهاتهم التي مرت عليك :
١. لا دليل على المعاد ، ٢. الإيمان به أُسطورة ، ٣. الدعوة إلى المعاد افتراء
__________________
١. سبأ : ٣.
٢. يس : ٧٨ ـ ٧٩.