وأين هذا من تعلّق النفس بخلية نباتية أو حيوانية أو إنسانية أو غير ذلك ؟
وأمّا الثاني : فلا تراجع للنفس عن مقامها الشامخ إلىٰ درجة نازلة ، بل هي مع مالها من الفعلية والكمالات تتعلّق بالبدن الذي فارقته حين الموت دون أيِّ تقهقر.
ليت شعري لو كان العود إلى الحياة الدنيوية تناسخاً علىٰ وجه الإطلاق ، فبماذا يفسر إحياء الموتى الذي كان يقوم به المسيح عليهالسلام يقول سبحانه : ( وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَىٰ بِإِذْنِي ) ؟! (١).
نعم هنا سؤال نحيل الإجابة عنه إلىٰ مجال آخر ، وهو انّ الرجوع إلى النشأة الدنيوية لأجل الاستكمال فما هو الوجه لرجوع الصالحين أو الفاسقين إلى الدنيا ، فانّ الطائفة الأُولى انقلبت استعداداتها إلى الفعلية وقد درجوا عامة المنازل والمدارج فلم يبق كمالٌ إلاّ ولجوه ، كما أنّ الطائفة الثانية لا يرجى لهم أن يكتسبوا خيراً ; ومع غياب هذه الغاية فكيف يرجعون إلى الدنيا ؟
وعلى كلّ حال فهذا سؤال نحيل الإجابة عنه إلىٰ مجال آخر.
ما هي سنّة الله من وراء رجوع الإنسان إلىٰ هذه الدنيا ؟ والمراد إعطاء الضابطة الكلية في هذه المسألة.
والمستفاد من القرآن أنّ السنة الإلهية قد جرت علىٰ إيصاد كافة أبواب رجوع الإنسان إلى الدنيا وإن التمس الرجوع فيخاطب بالرد والنفي ، يقول سبحانه : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا
__________________
١. المائدة : ١١٠.