فقد أشار الوحي الإلهي في هذه الآية إلى ما يرتكبون في الحرب من الشر وانّهم ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم ) ما زادوكم إلاّشراً وفساداً وغدراً ومكراً دون أن ينفعونكم بشيء.
( وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ ) أي أسرعوا في الدخول بينكم في الإفساد والتفريق بين المسلمين.
( يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ) أي يطلبون لكم المحنة باختلاف الكلمة والفرقة.
( وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ ) للمنافقين ينقلون إليهم ما يسمعون منكم.
٤. انّ الجهاد رمز الإيمان وترك الدنيا لأجل الآخرة ، فالمؤمن يندفع عن شوق إلى الجهاد بنفسه في حين انّ المنافق يندفع عن كره إليه ويفرح بالتخلّف عن ركب رسول الله ، وكانوا يغرون المسلمين ألا ينفروا في الحرب مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، كما قال سبحانه : ( فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ). (١)
إنّ المنافقين والمشركين ينضوون تحت لواء واحد ، وهو عدم الإيمان بالله سبحانه وإنكار اليوم الآخر ، غير انّ المشرك يتظاهر به دون المنافق ، إنّما الكلام في صلة المنافق بأهل الكتاب ، فقد كان المنافقون في عصر الرسالة علىٰ علاقة وثيقة باليهود لكيد الإسلام والمسلمين ، وقد ظهرت تلك المكيدة عند إجلاء بني النضير من يثرب جزاءً لغدرهم بالمسلمين ، ولما وصل خبر ذلك إلى المنافقين ، أرسلوا رسولاً إلى بني النضير يناشدونهم بالبقاء وعدم اجلاء ديارهم وانّهم سوف
__________________
١. التوبة : ٨١.