إنّ هناك طائفة من الآيات تدل بوضوح على أنّ ما اكتسبه الإنسان من خير أو شر يجده أمامه يوم القيامة فيجزىٰ به.
١. قال سبحانه : ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ). (١)
٢. ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ). (٢)
٣. ( عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ ). (٣)
فهذه الآيات تثبت انّ نفس الأعمال التي اكتسبها واقترفها الإنسان يجدها أمامه يوم القيامة بأعيانها وتحضر بواقعها ، ولو كان هناك اختلاف فإنّما هو في كيفية الظهور وإلاّ فالعمل نفس العمل ، والواقعية محفوظة وظهورها مختلف.
هذه الآيات الثلاث أوضح ما في الباب للدلالة على تجسّم الأعمال ، فانّ الآية الأُولى تصرِّح بحضور عمل الإنسان من خير وشر في النشأة الأُخرى ، وأمّا كيفية التجسم فتستفاد من الآية الثانية والثالثة فهما صريحتان في أنّ عمل السوء ـ أعني : كتمان الحقيقة في مقابل ثمن بخس ، أو أكل مال اليتيم ظلماً ـ يتجسّم بصورة النار ، فكأنّ للعمل الدنيوي ظهورين ، ظهور في الدنيا وهو ما يشاهده كلّ إنسان ، وظهور في الآخرة هو تجلّيه بصورة النار المحرقة.
__________________
١. آل عمران : ٣٠.
٢. الكهف : ٤٩.
٣. التكوير : ١٤.