ولكن سياق الآيات يدل على أنّ المراد ممن خفّت موازينه هم المكذبون بآيات الله سبحانه وأنبيائه ، يقول سبحانه بعد هذه الآية : ( أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ). (١)
ويقول أيضاً : ( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ). (٢) فيستنتج ـ مع ملاحظة هذه الآيات ـ أنّ المحكومين بالخلود هم المكذبون وغير المؤمنين بيوم القيامة.
أوعد الله سبحانه آكلي الربا بالخلود في النار ، قال سبحانه :
( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ). (٣)
فالآية وإن كانت توعد مطلق آكل الربا بالخلود في النار ولكن قوله : ( وَمَنْ عَادَ ) قرينة على أنّ المراد من لا يؤمن بتحريم الربا ويكرر قوله : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) ويترك قول الله سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ، ومثل هذا هو ممن لا يؤمن بالتشريع السماوي والتقنين الإلهي.
وبعبارة أُخرى كان العرب في العصر الجاهلي يعتقدون بحلية الربا
__________________
١. المؤمنون : ١٠٥.
٢. المؤمنون : ١٠٩ ـ ١١٠.
٣. البقرة : ٢٧٥.