إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ). (١)
فقوله : ( وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) أي ليس هناك دليل يجرنا إلى الإذعان به وإلاّ اتّبعناه ، ونظيره قوله سبحانه : ( وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ). (٢)
فانّ الاستفهام الإنكاري الذي يتضمنه قوله : ( أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا ) يحكي عن أنّ المعاد أمر مبهم لا يمكن الإذعان به.
كان المنكرون للمعاد يعتقدون انّه أُسطورة تاريخية حيكت في القرون الغابرة وليس أمراً جديداً ، يقول سبحانه حاكياً عنهم : ( لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ). (٣)
ولم يكن المعاد نسيجَ وحده في ذلك الاتهام المزعوم بل شاركه الدين ومعارفه ، يقول سبحانه ، حاكياً عنهم : ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ). (٤)
وكأنّهم ماعقلوا انّ التجدّد ليس آية الحقّ ولا التقدم آية البطلان ، والحقائق تابعة لبراهينها.
كانت ثلة من الناس تزعم انّ الدعوة إلى المعاد افتراء على الله والداعي إليه إمّا كاذب عمداً أو مجنون لا اعتبار بقوله ، قال سبحانه : ( وَقَالَ الَّذِينَ
__________________
١. الجاثية : ٣٢. |
٢. الرعد : ٥. |
٣. المؤمنون : ٨٣. |
٤. الفرقان : ٥. |