إلاّ كفافاً علىٰ ما علمت وقدّرت لي ، فيقول الله جلّ جلاله : صدق عبدي خلّوا عنه يدخل الجنّة. ويبقى الآخر حتّى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيراً لكفاها ، ثمّ يدخل الجنة ، فيقول له الفقير ، ماحبسك ؟ فيقول : طول الحساب ، مازال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي ، ثمّ اسأل عن شيء آخر حتى تغمّدني الله عزّوجلّ منه برحمة وألحقني بالتائبين ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً ، فيقول : لقد غيّرك النعيم بعدي ». (١)
إنّ الحساب علىٰ أصناف :
أ. إذا كان جاهلاً وكان جهله عن قصور ، فترك الواجب أو اقترف الحرام من دون أن يحتمل كون المتروك واجب الفعل ، والمأتي واجب الترك ، فهذا هو الجاهل القاصر الذي يكون معذوراً سواء أكان بين العلماء ولم يحتمل كون المتروك واجباً أو المفعول حراماً ، أو لم يكن بينهم بل كان يقطن في بيئة نائية عن العلم.
ب. إذا اقترف المحرمات أو ارتكب الواجبات عن تقصير ، بأن كان جاهلاً ولم يتعلّم ، وهذا نظير القسم الثالث أي العالم بالأحكام.
فربما يعتذر ذلك الجاهل بجهله ويتترّس به ، فيخاطب لماذا لم تتعلم ؟
روى هارون ، عن ابن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول وقد سئل عن قوله تعالى : ( قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) ؟ فقال : « إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالماً ؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال كنت جاهلاً ، قال له : أفلا تعلَّمت حتى تعمل ؟ فيخصم ، فتلك الحجّة
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ٧ / ٢٥٩ ، الباب ١١ من كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٤.