عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ). (١)
وعلىٰ ضوء ذلك فلا مانع من أن يكون هناك نعمة ونقمة من خلال تجسّم الأعمال وتمثّلها ، وجنة ونار خارجين عن إطار عمل الإنسان وفعله ، فالجزاء الأوّل أمر تكويني يلازم وجود الإنسان ، والثاني أمر جعلي مفروض عليه حسب ما اكتسب من الحسنات والسيّئات.
إنّ حقيقة تجسّم الأعمال ترجع إلى أنّ الإنسان حسب اكتساب الطاعات أو اقتراف السيئات يخلق ملكات حسنة أو سيئة تبعاً لها على نحو تكون تلك الملكات جزء وجوده وصميم ذاته ، ومن الواضح بمكان انّ كلّ ملكة تستتبع مقتضاها ، فالملكة الحسنة تستتبع صوراً مثالية حسنة أو صوراً مثالية قبيحة يتلذّذ بها أو يتعذّب وليست خلاّقية الملكات لهذه الصور فعلاً اختيارياً ، بل لم تزل خلاّقة للصور حسب مقتضاها.
وإذا كانت الصور المثالية أمراً تكوينياً من لوازم وجود الإنسان بحيث لا ينفك عن وجوده مهما نزل أو سكن ، فما معنى الشفاعة التي تمحو المجازات الجعلية المفروضة عليه من خارج وجوده ؟
والجواب : انّ الملكات المكتسبة وإن كانت خلاّقة للصور المثالية جميلة كانت أو قبيحة شاء أم أبىٰ ، لكن ثمة مرتبة من الشفاعة تؤثر في صميم الإنسان وذاته بنحو تؤثر علىٰ ملكاته السيئة وليس تأثير الشفيع في ملكات المشفوع له بأصعب من تأثير دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند الاعجاز في عالم الكون حيث يعود ـ بفضل دعائه ـ الميت حياً والأعمى بصيراً والسقيم صحيحاً ، فكما انّ دعاء النبي وإرادته
__________________
١. النساء : ٨٢.