الباب الحادى والثلاثون
أدعية الصحيفة السجادية
قال المصنّف (قدّس الله سرّه) :
بعد واقعة الطفّ الأليمة ، التي أوغل فيها بنو أمية في الاستبداد وولغوا في الدماء واستهتروا بكلّ القيم بقي الإمام زين العابدين وسيّد السّاجدين عليهالسلام جليس داره ثاكلا ، لا يتصل به أحد ولا يستطيع أن يفضي إلى الناس بما يجب عليهم وما ينبغي لهم.
فاضطرّ أن يتخذ من أسلوب الدعاء (الذي قلنا أنّه أحد الطرق التعليمية لتهذيب النفوس) ذريعة لنشر تعاليم القرآن وآداب الإسلام وطريقة آل البيت ، ولتلقين الناس روحيّة الدين والزّهد ، وما يجب من تهذيب النفوس والأخلاق. وهذه طريقة مبتكرة له في التلقين لا تحوم حولها شبهة المطاردين له ، ولا تقوم بها عليه الحجّة لهم ، فلذلك أكثر من هذه الأدعية البليغة ، وقد جمعت بعضها (الصحيفة السجادية) التي سمّيت (بزبور آل محمد) ، وجاءت في أسلوبها ومراميها في أعلى أساليب الأدب العربي وفي أسمى مرامي الدين الحنيف وأدقّ أسرار التوحيد والنبوة ، وأصحّ طريقة لتعليم الأخلاق المحمّدية والآداب الإسلامية. وكانت في مختلف الموضوعات التربوية الدينية ، فهي تعليم للدين والأخلاق في أسلوب الدعاء أو دعاء في أسلوب تعليم للدين والأخلاق. وهي بحقّ بعد القرآن ونهج البلاغة من أعلى أساليب البيان العربي وأرقى المناهل الفلسفيّة في الإلهيات والأخلاقيات.
فمنها ما يعلمك كيف تمجّد الله وتقدّسه وتحمده وتشكره وتتوب إليه ،