إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) (البقرة / ١١٠) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (الصف / ٩) (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة / ٣٣) ولذلك لم يكن لهم همّ إلّا أن يقطعوا هذه الشجرة الطيبة من أصلها ، ويهدموا هذا البنيان الرفيع من أسه بتفتين المؤمنين وتسرية النفاق في جماعتهم ، وبث الشبه والخرافات بينهم لإفساد دينهم (١).
رابعا :
إنّ نصب الإمام واجب على الأمّة سمعا (٢) تماما كبقية الواجبات الكفائية ، وقد استدل عليه بوجهين :
الأول : تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة النبي على امتناع خلوّ الوقت عن إمام ، حتى قال أبو بكر ألا إنّ محمّدا قد مات ، ولا بدّ لهذا الدين ممن يقوم به ، فبادر الكل إلى قبوله ، وتركوا أهم الأشياء وهو دفن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يزل الناس في كل عصر إلى زماننا هذا من نصب إمام متبع في كل عصر.
الثاني : إنّ في نصب الإمام دفع ضرر مظنون وأنه واجب إجماعا ، وبعبارة : إنّ في نصب الإمام استجلاب منافع كثيرة ، واستدفاع مضار كثيرة ، وكل ما هو كذلك فهو واجب بالإجماع.
يرد على أصل الدليل :
إنّ وجوب نصبه على الأمّة يقتضي أنهم إذا لم يتفقوا لم يحصل انعقاد الإمامة ، بل يجب إعادة النظر مرّة بعد أخرى ، وقد لا يثمر شيئا من ذلك اتفاقهم لاختلاف الآراء غالبا وهو يبطل تعليقها على رأي الأمة وإلّا لزم تعذر نصب الإمام أو جواز عمل كل فريق برأيه ، فيكون منصوب كلّ فريق إماما عليهم وهو خلاف المطلوب (٣).
__________________
(١) تفسير الميزان : ج ٥ ص ١٧٥ والإلهيات : ج ٢ ص ٥٤٥.
(٢) الفرق بين الدليل الأول والرابع ؛ أنّ الأول واجب عرفا ، وأما الرابع فواجب سمعا.
(٣) إحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٠٩.