الظلم عنهم ويبسط العدل فيما بينهم خاصّة في آخر الزمان حيث لا نبوّة ولا تشريع ، ولا يحلّ في مقام النبيّ إلّا إمام معصوم مسدّد ، له ما للنبيّ لا فرق بينهما سوى النبوّة. هذا مضافا إلى أن الدين إذا ترك للناس أمره ، فإنّهم لا محالة يشوّهونه ويصبغونه بصبغتهم الثقافية الخاصة ، أما إذا ائتمن عليه رجال اصطفاهم الله تعالى من الرجس والدنس الظاهري والنفسي فعندها فقط يمكن أن يحفظ ، من هنا كانت ضرورة الإمامة لتصون الدين من التحريف ، ولا يمكن لغير الإمام أن يصونه حتى لو كان فقيها عادلا لأن المراد من الصيانة هو حفظ الواقع والظاهر ، والفقيه يحفظ الظاهر دون الواقع لأنه مخفي عنه في أكثر الموارد المستنبطة ، لذا يتهافت الظاهر بتهافت الآراء عند الفقهاء مما يسبّب التشتت والحيرة في أغلب الأحيان عند المكلفين ، وهذا خلاف الحكمة من انتظام الأفراد تحت قانون موحّد يسلك بهم نحو التكامل الواقعي بكل أشكاله.
أو بعبارة أخرى : إنّ نفس العلّة الغائيّة لوجوب اتّباع الرسل لحصول الهداية في المعاش هي بنفسها موجودة في الإمام عليهالسلام ، واتّباع غير المعصوم يؤدّي إلى الغوية ولا يحسن منه تعالى عقلا ومن باب اللطف أن ينصّب على الناس غير معصوم لتساويه مع غيره ، فلا بدّ من نصب معصوم في كلّ وقت يهدي الناس إلى الحقّ والعدل ، وهو المطلوب حيث يجب وجود إمام يحقق الغاية التي من أجلها خلق الكون ، وهي المعرفة ، ولا تتحقق إلّا بوجود الإنسان الكامل في كلّ عصر ، وحيث إن ذلك متعذّر على كلّ البشر فلا بدّ من تحققه في فرد من آحاد الإنسان وهو الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، بعد النبي والأئمة المتقدمين عليه.
* قال العلّامة المجلسي (قدسسره) :
«ثبت بالأخبار المستفيضة أنهم العلل الغائيّة لإيجاد الخلق ، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم تظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ولقد جرّبنا مرارا لا نحصيها أنّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحق تعالى ، وانسداد أبواب الفيض لمّا استشفعنا بهم ، وتوسلنا بأنوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت ، تنكشف تلك