لا معوّل فيه إلّا عليهم فراجع ، ولو لا أن الحديث بمثابة من الثبوت ما أخرجه البخاري في كتابه فإنّ الرجل يغتصب نفسه عند خصائص علي وفضائل أهل البيت اغتصابا ، ومعاوية كان إمام الفئة الباغية ، ناصب أمير المؤمنين وحاربه ولعنه على منابر المسلمين وأمرهم بلعنه لكنه ـ بالرغم من وقاحته في عدوانه ـ لم يجحد حديث المنزلة ولا كابر فيه سعد بن أبي وقّاص حين قال له ـ فيما أخرجه مسلم ـ ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال :
أما ما ذكرت ثلاثا قالهنّ له رسول الله فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول الله يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبوة بعدي ... الحديث ، فأبلس معاوية ، وكفّ عن تكليف سعد.
أزيدك على هذا كلّه أن معاوية نفسه حدّث بحديث المنزلة قال ابن حجر في صواعقه أخرج أحمد أنّ رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال : سل عنها عليّا فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب علي ، قال : بئس ما قلت ؛ لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغرّه بالعلم غرا ، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أن لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه ... إلى آخر كلامه (١).
ثم أشار صاحب المراجعات (قدسسره) إلى أسماء الكتب التي أدرج فيها حديث المنزلة فلاحظ.
وأما سند حديث الإنذار يوم الدار فهو في غاية الاعتبار قال العلّامة شرف الدين في المراجعة (٢) :
«وحسبك منها (أي النصوص على الخلافة) ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور الإسلام بمكة ، حين أنزل الله تعالى عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فدعاهم إلى دار عمّه أبي طالب عليهالسلام وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعبّاس وأبو لهب ، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة ، وفي آخره قال رسول الله : يا بني عبد المطلب إني
__________________
(١) المراجعات : ص ٢٣٠ المراجعة ٢٨.