الحاجة إلى أمور كثيرة مندوبة وغيرها من الوقائع ، وكان عليهالسلام إذا سافر عن المدينة يوما أو يومين استخلف فيها من يقوم بأمر المسلمين ، ومن هذه حاله كيف ينسب إليه إهمال أمّته ، وعدم إرشادهم في أجلّ الأشياء وأسناها وأعظمها قدرا وأكثرها فائدة وأشدّهم حاجة إليها وهي المتولي لأمورهم بعده فوجب من سيرته عليهالسلام نصب إمام بعده والنص عليه وتعريفهم إيّاه وهذا برهان لمي» (١)
وقد ذكرنا سابقا الأدلة العقلية الأخرى فلا نعيد.
وما يؤيد الدليل العقلي ما ورد في الأخبار والروايات منها :
ما عن مولانا الإمام الرضا عليهالسلام في ضمن حديث :
إن الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم (٢).
ومنها : ما عن الصدوق عن أبي عبد الله عليهالسلام يقول :
أترون الأمر إلينا نضعه حيث نشاء ، كلا والله إنه لعهد معهود من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم رجل فرجل حتى ينتهي إلى صاحبه (٣).
وفي رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
إنّ الإمامة عهد من الله عزوجل معهود لرجل مسمى ، ليس للإمام أن يزويها عمّن يكون من بعده (٤).
والروايات في هذا المضمون كثيرة جدا فليلاحظ بصائر الدرجات والكافي والبحار ؛ ومن المعلوم أنّ مع التعيين والتشخيص من جانب الله تعالى لا مورد لاختيار الناس ، ثم لا يخفى أن التنصيص أحد الطرق التي يعرف الإمام بها ، لإمكان المعرفة بالإمام من إقامة المعجزة مع دعوى الإمامة «لذا صرّح الميرزا القمي قدسسره بذلك حيث قال :
إنّ الإمام إذا ادّعى الإمامة ، وأقام على طبقها المعجزة دلّ ذلك على حقيته
__________________
(١) شرح التجريد : ص ٣٦٦.
(٢) أصول الكافي : ج ١ ص ١٩٨ والحديث طويل فراجع.
(٣) بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ٧٠ ح ٧ نقلا عن بصائر الدرجات.
(٤) نفس المصدر : ص ٧٢.