الحق فيها ، بل يكفي فيها التقليد ، ولهذا لا يكفّر مخالفها أو منكرها ، بل لا يفسّق في ظاهر أقوالهم ، «وإنما التزموا ذلك لتحصل الغفلة عمّا اقترحوه من ثبوت الإمامة بالاختيار دون النص والاعتبار ، ولئلا يحصل الظفر بفساد ما انتحله خلفاؤهم من حقوق الأئمة الأعلام ، واختلقوه من الأحاديث التي أسندوها إلى النبي ، ثم ناقضوا ذلك وصرّحوا بأنّ حقوق النبوة من حماية بيضة الإسلام وحفظ الشرع ونصب الألوية والأعلام في جهاد الكفّار والبغاة والانتصاف للمظلوم وإنفاذ المعروف ، وإزالة المنكر وغير ذلك من توابع منصب النبوة ، كل ذلك ثابت للإمامة لأنها خلافة عنها ...» (١).
وفي هذه النقطة نبحث في جهات ثلاث :
الأولى : إنّ الإمامة من فروع الدين ، والنقض عليه.
الثانية : إنّ الإمامة من أصول المذهب ، والنقض عليه.
الثالثة : إنّ الإمامة من أصول الدين ، وأدلّة ذلك.
أما الجهة الأولى :
ذهبت العامة إلى أن الإمامة من فروع الدين المتعلق بأفعال المكلّفين ، ويشهد لما نقول كلمات أعلامهم في هذا المجال ، منها ما قاله :
ابن روزبهان الأشعري :
«اعلم أن مبحث الإمامة عند الأشاعرة ليس من أصول الديانات والعقائد ، بل هي عند الأشاعرة من الفروع المتعلقة بأفعال المكلّفين ، والإمامة عند الأشاعرة هي خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة ، يجب اتباعه على كافة الأمة ...» (٢).
وقال شارح المقاصد :
«لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق ، لرجوعها إلى أنّ القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات وهي أمور كليّة يتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية ولا ينتظم الأمر إلّا بحصولها ،
__________________
(١) إحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٠٦.
(٢) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٤ وإحقاق الحق : ج ٢ ص ٢٩٤.