وما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مخاطبا الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» يراد منه أنك لست نبيّا ينزل عليه الوحي التشريعي أمّا الوحي التسديدي فلا مانع منه بل الأدلة تؤيّده.
فالقسم الثاني يسمّى بالإلهام أو الوحي الخفي. أما القسم الأول فهو الوحي الجليّ ويشهد لهذا التقسيم أنّ كثيرا من الأنبياء ما نزل عليهم جبرائيل ولا ملك آخر غيره وكانوا أنبياء بالوحي الخفي كأنبياء بني إسرائيل.
وأما الوحي العام : فمشترك بين الحيوانات كالنحل والجمادات كالوحي إلى السماء والأرض. وكالوحي للإنسان كما في الإيحاء إلى أم موسى ومريم وسيّدة النساء والأئمة المعصومين عليهمالسلام.
أمّا الإلهام فقسمان : خاصّ وعامّ أيضا :
فالخاصّ : ما كان مقتصرا على الأولياء والأوصياء وأتباعهم وتارة بواسطة : كما لو كان بصوت خارج عن الشخص يسمعه ويفهم منه المعنى المقصود ، وهذا يخصّصونه بأول حالة للأنبياء كالرؤيا وغيرها ويعدّونه من القسم الثاني من الوحي. وأخرى بغير واسطة : كما لو كان بقذف المعاني والحقائق في قلوب الأولياء من عالم الغيب دفعة أو تدريجا كشعاع الشمس عند ما تشرق على البيوت.
والعام : يكون بسبب شرعي وآخر غير شرعي.
فما كان بسبب شرعي فهو تسوية النفس وتحليتها وتهذيبها بالأخلاق المرضية والأوصاف الحميدة موافقا للشرع الحنيف. ويشهد له قوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٨) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٩) (الشمس / ٨ ـ ٩) وما كان بسبب غير شرعي كالحاصل للمرتاضين والبراهمة والرهبان وغيرهم ممن روّض نفسه بأسباب غير شرعية. وللتمييز بين الإلهامين لا بدّ من ميزان يعرف به إلهام الخير من إلهام الشرّ لذا وضع العرفاء ميزانا لذلك أخذوه عن العترة الطاهرة مفاده :
أنّ كل ما يكون سببا للخير وصفاء الباطن بحيث يكون مأمون الغائلة في العاقبة ويحصل بعد توجّه تام إلى حضرة الحقّ ولذّة عظيمة مرغّبة في العبادة فهو إلهام خير أو يسمى بالخاطر الملكي. وكل ما يكون سببا إلى الشرّ وكدورة الباطن فهو إلهام شيطاني. وبما أنّ الوحي التشريعي قد انسدّ بموت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والوحي