ومنه ما ورد في حديث عمران بن حصين عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال :
«النظر إلى وجه عليّ عبادة» بمعنى أن رؤيته عليهالسلام تحمل الرائي له على قول كلمة التوحيد (١).
الثاني : وقوعه على المعاني ، فيأتي بمعنى «البصيرة» وعلم النظر والاستدلال يقال : «في هذا الأمر نظر» أي مجال للتفكّر لعدم وضوحه (٢).
وهذا المعنى الثاني هو المقصود في علمي الكلام والفلسفة لاختصاصه في إدراك المعاني النظرية التي تحتاج إلى كسب ونظر في المطالب العلمية الدقيقة.
هذا التفسير «للنظر» بكلا معنييه إنما هو تفسير لغوي ، وهناك تفسير آخر اصطلاحي مفاده :
«ترتيب أمور ذهنية للتصور إلى أمر مجهول».
مثلا يقال : ـ إن العالم متغير ـ
وكل متغير حادث ـ
فالعالم حادث
فهنا قياس منطقي من الشكل الأول ، الصغرى والكبرى معلومة لدينا ، وبواسطتها حصلنا على النتيجة التي كنا نجهلها قبل ترتيب الكبرى على الصغرى.
و «النظر» أحد قسمي العلم ، حيث قسّم الفلاسفة العلم إلى قسمين :
(نظري) : ويقال له «الكسبي» وهو ما تحتاج معرفته إلى التفكير لأنه غير معلوم لكل أحد.
(الضروري) : ويقال له : «البديهي» وهو ما لا تحتاج معرفته إلى تفكير لأنه واضح ومعلوم.
__________________
(١) قال ابن منظور في لسان العرب مادة نظر نقلا عن ابن الأثير :
أنّ عليا كان إذا برز قال الناس : لا إله إلا الله ما أشرف هذا الفتى ، لا إله إلا الله ما أعلم هذا الفتى ، لا إله إلّا الله ما أكرم هذا الفتى ، لا إله إلّا الله ما أشجع هذا الفتى ، فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد.
(٢) المنجد : ١٠٧٤.