العبد ، فيقوم العبد بإيجاد الفعل بحول منه تعالى وقوته ، فالفعل مقدور للعبد بلا واسطة ، ومقدور لله تعالى عن طريق القدرة التي تفضّل وتمنّن بها على عبده وأقدره بها على الفعل ، فيكون فعل الله من جهة ، وفعل العبد من جهة أخرى.
وبتقرير آخر :
إنّ قدرة العبد في طول قدرة الرب وإرادته ، ومن المعلوم أن ما يكون كالظل للشيء وطورا له لا يمكن أن يعارض ذا الظل ، وعليه فلو أراد سبحانه فعلا تكوينا لوقعت إرادته ولو لم يرده العبد لقوة إرادة الرب وقدرته المطلقة ، ولو أراد العبد فعلا تكوينا لم يقع لو لم يرده الباري عزّ اسمه لنفس ما تقدم.
إشكال :
قد يقال : ربما يصدر الفعل من العبد على خلاف إرادة المولى كما هو معروف عند الكفّار والعصاة مع أنه تعالى لا يريد الكفر والعصيان فكيف يمكن التوفيق والجمع؟
والجواب :
أنه تعالى في مثل ما ذكر لا يريد تكوينا إلّا ما اختاره العبد فما وقع من العباد عصيانا لا يخرج عن إرادته تعالى ، وإن كان هو سبحانه قد منعهم وزجرهم عن تلكم المعاصي والموبقات تشريعا ، ففي مثل ذلك لا تغلب إرادة الكفار والعصاة إرادته تعالى بل هو المريد لفعل العبد أن يصدر عن اختياره وإرادته لا جبرا أو قسرا.
وقد أشار القرآن الكريم إلى طولية قدرة العبد تحت قدرة الرب وأنّ قدرة العبد مترشحة من القدرة الإلهية المطلقة قال :
١ ـ (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (الدهر / ٣١).
فهنا عزوجل يشير إلى أنّ مشيته هي عين مشية العبد المختار وهذه عين الطولية المذكورة آنفا.
٢ ـ وقال أيضا : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى).
فالرمي وإن كان للعبد ، وفي نفس الوقت لله تعالى حيث هو الرامي الحقيقي لأنه الواهب للعبد القوة والنشاط اللّتين من خلالهما رمى العبد وأصاب.
ويؤيده ما ورد في الحديث القدسي عن الباري عزّ اسمه قال :