وإرادته الخاصة به ، فتؤثر فيها صفاته الروحية والخلقية. فأفعالنا نحن إنما تتناسب مع روحيتنا بإرادتنا ، ويكون هذا التحديد في ذلك القالب المعيّن لكل صادرة وبادرة من قبل علتها هو ما نحن بصدده من التقدير العيني الخارجي.
وهذا التفسير هو ما أشار إليه مولانا الرضا عليهالسلام بقوله : «التقدير هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء والفناء».
وفي رواية أخرى : «التقدير وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء» (١).
وفي بعض الروايات : «إن القضاء والقدر خلقان من خلق الله ، والله يزيد في الخلق ما يشاء» (٢).
وكون القضاء والقدر مخلوقين من مخلوقات الله تبارك وتعالى باعتبار أن وجود أية ظاهرة يكون متلازما مع «القضاء» الذي هو ضرورة وجودها من قبل علتها ، وكذلك مع «القدر» الذي هو تعيّنها بشكلها الخاص من قبل علتها أيضا ، فخالقها يكون خالقا لقضائها وقدرها أيضا ، فالذي يهب هذه الظاهرة الحياة يكون قد وهبها ضرورة الوجود أيضا ، وكذلك يكون قد حدّدها بحدودها.
التفسير الثاني :
كون القضاء والقدر بمعنى الإرادة والمشيئة الإلهية.
أي أن جميع المجردات في العالم بجميع أفعالها وتصرفاتها إنّما تتقمّص لباس الوجود بإرادة الله تعالى ، فلا يوجد موجود من دون إرادته ومشيئته ولا يستطيع أن يتم فعل من دون إذنه ، وهذا مقتضى الأدلة الفلسفية القائلة بأنّ جميع الموجودات ـ ما عدا الخالق العظيم ـ حسب التقسيم الفلسفي ممكنة الوجود ، وكل ممكن الوجود فاقد للحياة وعار عن كل كمال ، وعلى هذا فهو في تقمّصه لباس الحياة يحتاج إلى الاعتماد على سند غني بالذات يكون وجوده من نفسه وهو الله تعالى علة العلل وبهذه القاعدة الفلسفية أعني الارتباط بالذات الغنيّة أكّد القرآن العظيم عليها بقوله تعالى.
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) (الحشر / ٦).
__________________
(١) البحار : ج ٥ ص ١٢٢.
(٢) التوحيد : ص ٣٦٤.