أصعب من علمه بها بعد إيجادها فثبت المطلوب.
ثالثا :
إنّ كل موجود سواه تعالى يعدّ ممكنا ، وكلّ ممكن فهو معلول للذات المقدّسة ومستند إليها فيكون سبحانه عالما به ، سواء أكان جزئيا أم كليا وسواء كان موجودا قائما بذاته كالجوهر أم قائما بغيره كالعرض ، وسواء كان موجودا في الأعيان أم متعقلا في الأذهان لأنّ وجود الصورة في الذهن من الممكنات أيضا فيستند إليه ، فلا يعزب عن علمه شيء من الممكنات لأنها متعلقة كتعلق الظل لذيه لأنها رشح من فيض جوده.
إشكال وحل :
قد يقال إن ما ذكرتموه من إثبات علمه تعالى أقصى ما يدلّ على إثبات علمه تعالى بالكليات ، وليس فيه إشارة إلى علمه بالجزئيات عدا الدليل الرابع.
والجواب :
إنّ ما ذكر من البراهين على إثبات علمه تعالى يشمل العلم الجزئي بل هو المتعين في الأدلة ، لأنّ الدليل الدالّ على كونه تعالى عالما بذاته وبغيره يعني أنه تعالى عالم بذاته وبغيره تفصيلا لا إجمالا.
فما أورده بعض الفلاسفة (١) من أنه تعالى لا يعلم الجزئيات (حاشاه عزوجل) منقوض جملة وتفصيلا كما سوف يأتيك.
الأدلة على علمه تعالى بالجزئيات كثيرة منها :
الدليل الأول :
إن علمه عزوجل بالأشياء الخارجية من باب علم العلّة بالمعلول ، فهذه الوجودات هي معلولات للعلّة الأولى ، وفي نفس الوقت تنتهي سلسلتها في مقام الوجود إليه عزوجل باعتبار تعلّقها استمرارا وبقاء به كما تعلّقت به حدوثا ، فكل معلول حاضر بوجوده العيني عند علّته لا يغيب عنه ، ولو غاب عنه لا فتقر هذا المعلول إلى غيره ، وهذا الغير لا بدّ وأن يرتبط به سبحانه وإلا فيتسلسل وهو واضح البطلان.
__________________
(١) لاحظ الأسفار : مج ٨ ص ١٨١ وباب حادي عشر : ص ٣٩.