الأقدس ، ولمعان من نوره الأبهر ، وهذا يكفي للتعرّف عليه أكثر ، بل لا بدّ من إضافة براهين أخرى تثبت له أحوالا وصفات يمكن من خلالها التطلّع إلى جمال نوره ، بها تميّزه عن مخلوقاته ، وإلّا فإنّ مجرّد إثبات أنه واجب الوجود غير كاف في إثبات صفاته ، إذ من الممكن أن يعتقد البعض أنّ المادة أو الطاقة ـ مثلا ـ يمكن أن تكون مصداقا لواجب الوجود أو أنه تعالى اتحد بغيره أو بالعكس ، كما يتوهمه اليهود والنصارى والحلوليون ، فدفعا لتلك التوهمات كان من الضروري أن يبحث علماء الكلام والفلسفة الإسلامية في مسألة نفي الصفات السلبية عنه تعالى التي من خلالها يمكن تنزيه الباري عزوجل من كل صفة نقص وفقر وشين إلى غير ذلك من الصفات التي يجلّ ويتنزّه عنها العليم الحكيم ، وكذا كان من الضروري البحث في مسألة أخرى لا تقلّ أهمية عن الأولى وهي الصفات الثبوتية التي من خلالها تثبت له عزوجل كل صفة كمال وجمال من علم وحياة وقدرة الخ ..
ومن خلال البحث في صفاته تعالى تتعمّق معرفتنا به وتتوثّق الروابط الروحية بيننا وبين سفرائه عليهمالسلام الذين هم المرآة الحقيقية لعكس الصفات الإلهية على قوابل الأفراد ، أضف إلى ذلك أننا نكون قد مهّدنا الأرضية لإثبات سائر المعتقدات الحقة والمعارف اليقينية.
وهذه الصفات على قسمين :
القسم الأول : الصفات الثبوتية.
القسم الثاني : الصفات السلبية.
أما الصفات الثبوتية :
هي الأحوال أو الصفات التي لا تنفكّ عن الذات الإلهية المقدّسة ولا يمكن إزالتها عنها ، فهي ثابتة بثبوت عين الذات ، وثبوت الذات عين ثبوت الوصف ؛ ويعبّر عنها بصفات الجمال والكمال ، المثبتة للكمال في ذات الموصوف والتي تشير إلى واقعية في ذاته عزوجل كالعلم والقدرة والغنى والإرادة والحياة ..
ويتفرّع عنها صفات فعلية وهي :
صفات يمكن انفكاكها عن الذات في مقام الفعل ، حيث تتجدد وتوجد بعد عدمها ، وهي حادثة ومتأخرة عن الذات تشير إلى كمال في فعل الموصوف كالرازقية والخالقية ...