وإن كان المراد ب «النبي» من ألقي إليه الوحي التشريعي فإن ذلك مختص بجماعة معينين ولا يشمل الأئمة عليهمالسلام لأن الوحي التشريعي مختص بسيدنا محمد دون العترة ، ولعلّ المقصود من التعريف هو الثاني.
إشكال :
قلتم إن النبي هو الموحى إليه فهو بهذا مرسل من قبله تعالى فلما لا يقال إن كل نبي مرسل؟.
الجواب :
صحيح أن كل نبي موحى إليه يعتبر مرسلا بالمعنى اللغوي بمعنى أن ما يستلهمه الموحى إليه من معلومات ومعارف إنما هي هبات وهدايا مرسلة من قبله تعالى لصاحبها ، لكنه بالمعنى الاصطلاحي فإنهم يفرّقون بين النبي والرسول.
فالأول : هو المبين للناس صلاح دينهم ودنياهم إلى أن طلبوا منه ذلك.
والثاني : هو الحامل للرسالة الخاصة يتم بها الحجة على الناس أي يبلّغها ويبيّنها للناس من دون أن يطلبوا منه ذلك ، فمنزلة الرسالة هي إبلاغ الوحي ونشر أحكام الله وتربية الأفراد عن طريق التعليم والتوعية ، فالرسول مكلّف بالسعي في دائرة مهمته لدعوة الناس إلى الله وتبليغ رسالته وبذل الجهد لتغيير فكري عقيدي في مجتمعه.
فبذا يعرف أنه ليس كل نبي رسول بل العكس هو الصحيح فبينهما عموم وخصوص من وجه.
الجهة الثانية : في إمكان وقوع النبوة :
هنا نبحث في مقامين :
الأول : في إمكان وقوعها ثبوتا ـ (واقعا).
الثاني : في إمكان وقوعها إثباتا ـ (خارجا).
أما المقام الأول :
فلا شك أنها ممكنة ثبوتا لأنّ في تكليمه عزوجل مع الإنسان الكامل بواسطة أو بدون واسطة لا يلزم منه أحد المحالات العقلية كاجتماع النقيضين أو الضدين إذ إن تكلّمه تعالى مع الأنبياء ليس إلّا إيجاد الكلام بالأشياء ، وهذا غير مستحيل عليه تعالى إذ من المعلوم أنه لا يستلزم المحدودية لله عزوجل