فإنه حتما يحصل له العلم بالنتيجة ، مثاله كل من نظر :
بأن (العالم حادث).
(وكل حادث متغير).
(فالعالم متغير).
إضافة إلى أن الوجدان حاكم على أن كل من نظر في المقدمات الصحيحة حصل له العلم ، وإنكار الوجدان مكابرة تتنزّه عنها النفوس الشريفة.
الأمر الثاني : في السبب الموجب لحصول العلم بالنتيجة :
عرفنا مما تقدم أن النظر يفيد العلم ، ولكن ما يجب معرفته أنه ما هو السبب في حصول هذا العلم ، هل هو نفس النظر النظر من دون وجود شيء آخر وراءه أو أن عادة الله تعالى جرت في أن يسبّب العلم لكل من نظر أو أنه سبحانه يفيض على الناظر العلم بالنتيجة؟
اختار المعتزلة ومشهور الإمامية الأول ، والأشاعرة الثاني والحكماء الثالث.
واستدلّ المعتزلة على المدّعى بأن من نظر في المقدمات مع سلامة الحواس والقياس حصل حتما على العلم بالنتيجة لشهادة الوجدان بذلك كما تقدم آنفا.
واستدلّ الأشاعرة على حصول العلم عقيب النظر بأنه على سبيل العادة أي جرت عادته تعالى أن يخلق العلم عقيب النظر بدعوى :
أن العلم الحادث أمر ممكن ، والله تعالى قادر على كل الممكنات فاعل لها طبقا لما يعتقدون من كونه تعالى خالقا للأعمال ، فيكون العلم بالنتيجة من فعله تعالى.
ثمّ ردّوا مقالة المعتزلة بدعوى :
أن النظر كالتذكر والاستذكار ، حيث يقوم الإنسان بعملية الاسترجاع في المخيّلة فلا يكون تذكره سببا لحصول العلم فكذا لا يكون النظر سببا فيه أيضا قياسا له على التذكر ، فحيث إن التذكر واقع بلا اختيار فكذا النظر.
لكن أورد عليهم :
إن قياس النظر مع الاستذكار قياس مع الفارق لأنّ الاستذكار هو نفس العلم