الإلهية ، وهي غير مجعولة بل متحققة بنفس تحقّق الذات الواجبة اللامجعولة ، لا كما يقوله «المعتزلة» : من أنها ثابتة منفكّة عن الوجود] (١).
وورد عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول :
لم يزل الله عزوجل ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور (٢).
وبهذا تكون الإمامية بنظرتها لعينيّة الصفات للذات هي الجادة الوسطى (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ) (النور / ٣٦) وما قاله غيرها دونه خرط القتاد.
(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (الأعراف / ٣٠).
أما النقطة الثانية :
فقد أرجع جماعة من المعتزلة منهم النظّام وابن أبي الحديد الصفات الثبوتية إلى السلبية ، وقالوا إنّ إثبات القدرة يعني سلب العجز عنه ، وإثبات العلم يعني سلب الجهل عنه ، وهكذا بقية الصفات الثبوتية هي في الحقيقة ـ عندهم ـ صفات سلبية ، ففي الواقع لا معقول لنا من صفاته إلّا السلوب والإضافات على حدّ تعبير العلّامة السّيوري في شرح الباب الموافق لبعض المعتزلة والمتأثر بهم في هذه المسألة.
وقد حمل المصنف عليه الرحمة ورد بشدّة على هؤلاء ولكنه على عادته لم يذكر التفاصيل.
استدلال النّظام على المدّعى :
استدلّ وجماعة على مدعاهم : بأنه إذا لم نرجع الثبوتية إلى السلبية لكان ذلك مستلزما للقول بتكثّر الذات وعدم وحدتها ، باعتبار وجود صفات متغايرة كالعلم والقدرة الخ ، فتتغيّر الذات بتغيّر الأوصاف فتحصل الكثرة ، فدفعا لهذا المحذور أرجعوا الصفات الثبوتية إلى السلبية ليطمئن إلى القول بوحدة الذات
__________________
(١) الأسفار : ج ٦ ص ١٣٩ ـ ١٤٤.
(٢) التوحيد : ص ١٢٩ ج ١ باب ١١.