وعدم تكثرها ، فيكون أصحاب هذه النظرية قد ألغوا الصفات الثبوتية من الأصل مع الحفاظ على السلبيّة.
لكن ينقض على النظّام :
أولا : إنّ إرجاع الصفات الثبوتية إلى السلبية يعني جعل السلب الذي هو نوع عدم ، مكان الإيجاب الذي هو نوع كمال ، فحينما تقول : «الله ليس بجاهل» معنى ذلك إنك ذكرت الصفة السلبة التي هي ضمن الثبوتية وهي «الله عالم».
ثانيا : إن إرجاع الثبوتية إلى السلبية يعني تقديم العدم على الوجود لأنّ الثبوتية صفة وجودية ، والسلبية صفة عدمية ، وحيث إن الوجود أشرف من العدم ، والأشرف مقدم على غيره ، يفرض تقديم الثبوت على السلب وهاهنا العكس فيلزم النقص وتقديم الأخس على الأشرف وهو قبيح.
ثالثا : إنّ الفرار من تكثّر الذات لو قلنا بثبوت صفتين جرّه للوقوع بما هو أسوأ منه ، حيث جعل الذات التي هي الوجود ومحض الوجود ، والفاقدة لكل نقص ، جعلها عين العدم ومحض السلب وهذا عين القبح.
رابعا : إنّ ما فعله النظّام وجماعته مخالف لما ذكره القرآن الكريم حيث وصف الله تعالى نفسه بالصفتين الثبوتية والسلبية كما في قوله تعالى :
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٣) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ...)(الحشر / ٢٣ ـ ٢٤).
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (٢) اللهُ الصَّمَدُ (٣) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٤) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٥)) (التوحيد).
فقد ذكرت الصفتان ، فتقديم السلبية على الثبوتية ، بإلغاء الثانية وثبوت الأولى يعدّ ترجيحا بلا مرجّح وهو قبيح.
كما أن إرجاع الثبوتية إلى السلبية لا يخلو من تكلّف زائد يفرض العدول عنه عند وجود الصارف العقلي المحكم.
إذن : فما ذكر من حمل الصفات الثبوتية غير صحيح بل يفرض العكس وهو حمل السلبية على الثبوتية التي هي في الواقع ذات الباري فقولنا : «الله ليس بجاهل» يعني أنك سلبت عنه صفة النقص والعدم لأن الجهل نقص وعدم وهو