بِسِحْرِهِما) [طه : ٦٣] ، وقالوا فيه : (فَما ذا تَأْمُرُونَ) (١١٠) [الأعراف : ١١٠، الشعراء : ٣٥] ، وقال موسى صلى الله عليه فيما قالوا به من ذلك : (أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) (٧٧) [يونس : ٧٧].
١١٦ ـ وسألته : عن قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٢) [الحج : ٥٢]؟
فتأويل تمنى : هو قرأ ، وألقى الشيطان في أمنيته ، تأويله : ألقى الشيطان في قراءته ، وقراءته عليهالسلام فهو ما ألقى من القرآن إلى أمته ، وألقى الشيطان فيما كانوا يقرءون من القرآن وآياته ، هو إلقاء من الشيطان في أمنيته وقراءته ، والإلقاء في القراءة من الشيطان ، ليس إلقاء في قلب الرسول ولا فيما جعل الله له من اللسان ، ولكنه إلقاء من الشيطان في القراءة بزيادة منه في القراءة أو نقصان ، وقد رأينا في دهرنا هذا بين من يقرأ آيات القرآن ، اختلافا كثيرا في الزيادة والنقصان ، فما كان من ذلك صدقا وحقا فمن القرآن ، وما كان منه كذبا وباطلا فهو من الشيطان ، في أيدي الروافض من ذلك والغلاة ، ما قد سمعت وسمعنا والله المستعان من القراة (١).
فأما (تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتها ترتجى) (٢) ، فقد فهمنا منه ما ذكرت ، وسمعنا منه بعض ما سمعت ، وهو كلام مغور فاسد لا يتكلم بمثله حكيم ، ولا ماجد كريم ، لا يشتبه بفساده في تأليفه ، وقبحه في نفسه وضعفه ، أن يكون من بليغ من بلغاء العرب ، فكيف من الرسول أو الرب ، الذي لا تدركه بتحديد العقول ، ولا يشبه قوله في الحكمة قول.
١١٧ ـ وسألته : عن قول إبراهيم صلى الله عليه : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٧٧) [الصافات : ٧٧]؟
__________________
(١) إشارة إلى قول طائفة من الروافض الغلاة القائلين بتحريف القرآن.
(٢) أخرج القصة الحاكم ٢ / ٦٨٠ (٤٢٤٦) ، والبيهقي في الكبرى ٢ / ٣٦١ (٣٧٣٦) ، والطبراني في الكبير ١ / ٩٠ (١٤٣) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ١ / ١٢٣ (١٢٣).