فإن سأل سائل عما لا ينقطع من بول أو بواسير ، أو عن غير ذلك مما يجب فيه الوضوء والتطهير من جميع الأقاذير؟
قلنا : أي عضو من المؤمن لزمه ، شيء من ذلك فلم ينقطع عنه وداومه ، تركه ـ لما غلب عليه منه ـ على حاله ، ولم يلزمه تطهيره في وضوءه ولا اغتساله ، ونظر إلى كل عضو سواه ، فغسله منه ووضّاه ، لأن الله سبحانه أمره بغسلها كلها ، فلا يزيل عنه مفروض غسلها ، الذي فرضه الله عليه في كلها ، امتناع ذلك عليه في الواحد منها ، ولا يزيل ما زال من ذلك عنها ، وإن كانت العلة من ذلك بدبره أو بإحليله ، كان بذلك واحدا في حكمه وسبيله ، فترك تطهيره ، وطهّر غيره ، مما أمره الله سبحانه بالتطهير له ، وحكم عليه أن يطهره ويغسله ، فترك غسل ذلك وحده إذا لم يمكنه ، ولم تزل العلة عنه. (١) وإنما قلنا بترك غسله إذا غلب أمره ، لأنه لا ينقيه الغسل ولا يطهره ، وإنما أمرنا بالغسل للتطهر ، فربما كان غسله أكثر من الأذى والتقذر ، وادعى إليه وإن كان حرجا لما نهاه الله سبحانه من الإضرار بنفسه ، مع أنه غير مطهّر بذلك للعضو من نجسه. فكل هذا يؤكد فيه ما قلنا ، ويوجب فيه قبول ما قلنا.
[النوم أو السكر يبطل الوضوء]
ومن سأل عمن نام أو هذى أو سكر؟
قيل : عليه أن يتوضأ وأن يتطهر ، لقول الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣]. فلو صلى صلاة وهو سكران لا يعقل ما يقول فيها ، لكان عليه أن يعود ويصليها ، وكذلك يعود لوضوئه وطهره ، لأنه لا يعلم أثابت أم قد نقضه في سكره ، وكذلك من نام أو هذى ، فإن الفرض عليه هكذا ، لأنه لا يعقل صلاة ولا طهرا ، كما لا يعقل من شرب مسكرا ، فحالهما في ذلك حال السكران ، لما غلب عليهما من النوم والهذيان.
__________________
(١) في المخطوط : فيه. ولعل الصواب ما أثبت.