[الهالك]
قال الوافد : صف لي الهالك المتأسف (١)؟
قال العالم : هو الذي يتأسف على رزق لم يأته ، وينتظر مالا وربما لم يستوفه ، يخاف(٢) شره ، ولا يرجى خيره ، يظهر حزنه ، ويكتم شره ، (٣) فهو مرتبط بالنفاق ، معاند بالشقاق ، سيئ الأخلاق ، قرين المحال ، قريب الخجال ، قليل النوال ، (٤) قد رضي بالقيل والقال ، ولا يسلك سبيل (٥) النجاة ، ولا يخاف المفاجاة ، ظاهره مع أهل الدين ، وباطنه مع المنافقين ، قد باين الفرقان ، وأغضب الرحمن ، فقلبه لا يخشع ، وعينه لا تدمع ، ونفسه لا تشبع ، قد آثر العمى على الهدى ، وبدّل الدين بالدنيا ، وفي ذلك أقول ، بعد الصلاة على الرسول : (٦)
مضى عمري وقد حصلت ذنوب |
|
وعزّ عليّ أني لا أتوب |
نطهر للجمال لنا ثيابا (٧) |
|
وقد صدئت لقسوتها القلوب |
وأعربنا الكلام فما لحنا |
|
ونلحن في الفعال فلا نصيب |
قال الوافد : أسأل الله تعالى سلوك طريق الأخيار ، ومجانبة طريق (٨) الفجار.
قال العالم : إن الله سبحانه وتعالى قد بيّن لعباده طريق الهدى ، وحذرهم المخاوف
__________________
(١) في (ب) : المفتتن. وفي (ج) : المشق.
(٢) في (أ) و (ج) : لا يستوفيه. وفي (ب) : ويخاف.
(٣) في (ج) : خيره ويظهر. وفي (ج) : يظهر خيره ويكتم شره. وربما تكون يظهر شره ، ويكتم خيره. أو يظهر حزنه ، ويكتم فرحه. أو نحوها.
(٤) سقط من (أ) و (ج) : قريب الخجال. وإذا صحت العبارة فالخجال مأخوذ من الخجل ، والخجل له في اللغة معاني غير المعنى المعروف ، فمن معانيه : البطر. والبرم. والفساد.
(٥) في (ج) : طريق.
(٦) في (أ) : وفي ذلك أقول. وفي (ب) : وقد قيل في ذلك شعرا.
(٧) في (ج) : يطهر للجمال لنا ثياب.
(٨) في (أ) و (ب) : طريقة. وفي (ب) و (ج) : طريقة.