فيه شك ولا مرية ، ولا تدخل علينا فيه شبهة معشية ، ومن مسح مقدم رأسه واحدة ، فقد ثبت بأيقن اليقين عنده ، أنه إنما مسح من رأسه بعضه ، فهو لا يأمن أن يكون لم يؤد لله فيه فرضه ، لأن بعض الرأس ليس بالرأس ، كما بعض الناس ليس بالناس ، وكذلك بعضك ليس بكلك ، وكذلك ليس [كلك] ببعضك ، وإنما قال الله لا شريك له : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) ، كما قال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، وإن جاز مسح بعض الرأس ، جاز غسل بعض الوجه للناس ، وكان من غسل بعض وجهه فقد غسل وجهه ، كما كان من مسح بعض رأسه فقد مسحه ، وهذا من القول فقد يستبين فحشه وقبحه من وهبه الله رشده ، وعرف حكمه فعمده.
[حوار مع القائلين بمسح القدمين]
فأما ما قيل به في مسح القدمين ، فردّ لما في كتاب الله المبين ، وكيف نغسل ، عند من يعقل ، الوجه والذراعين للتطهير ، ونترك الرجلين وهما أقرب إلى الوسخ والأقاذير؟! إن في هذا من الضعف والاختلاف ، لأضعف الضعف وأسرف الاسراف!! وما يجهل هذا والحمد لله ، إلا من خزي وبعد من الله.
وقلنا لمن قال من الرافضة بمسح القدمين : من أين قلتم في هذا بخلاف جماعة ولد الحسن والحسين ، صلوات الله عليهما؟
فإن (١) قالوا : لأنه قالت به الأئمة منهم ، وهم الذين يلزم القبول عنهم.
قلنا فأعطتكم الأئمة من ذلك ما لم تعط أبناءها ، وحملتكم من هدى الله فيه ما لم تحمّله أقرباؤها؟ فوصلت بذلك منكم البعيد الغريب ، وقطعت من أرحامها القريب الحبيب ، وقد قال الله لرسوله ، صلىاللهعليهوآله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤) [الشعراء : ٢١٤] ، فخصهم بإنذاره منهم دون المؤمنين ، وسماهم جل ثناؤه دونهم الأقربين ، وكان لهم بعد من النذارة ما لغيرهم ، فاشتركوا هم وهم في رسولهم ونذيرهم ،
__________________
(١) سقط من (ب) : فإن.