مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (٥٨) [آل عمران : ٥٨].
[ذكر الله]
وفيما خص الله به ذكره من الكرامة والتعظيم ، ما يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٤٢) [الأحزاب : ٤١ ـ ٤٢] ، فكفى بهذا لذكر الله سبحانه تعظيما وتجليلا ، مع ما يكثر من هذا ومثله ، في كتاب الله وتنزيله ، قال الله سبحانه : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٣٦) [النور : ٣٦] ، والتسبيح وإن كان من ذكر الله والاجلال ، فأكثر الذكر وأجمله ، وأكرم القول وأفضله ، ذكر الله تعالى بما نزل من الكتاب ، فبه (١) يا بني فاذكروا رب الأرباب ، فإن ذلك هو الذكر المقدم عند ذوي الألباب ، ذكرني الله وإياكم منه بخير ، ونفعكم بكتابه المنير ، فإنه أفضل المنافع ، وخيرها سلكا في المسامع ، لما فيه من ذكر الله وعلمه ، وما دلّ عليه من أمره وحكمه.
فمن أعظم الذكر الله والتذكير به ، ذكره بما ذكر به نفسه من آياته وكتبه ، فبتلاوة الكتاب فاذكروه ، تجلّوا الكتاب وتوقروه ، ولا تكتفوا بتلاوة الكتاب من تدبّره ، ولا ترضوا من قراءته بهذّه ونثره ، فإنه ذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : (لا تنثروا القرآن نثر الدقل) ، (٢) فاقرءوه يا بني إذا قرأتموه بالتنزيل والترتيل وتفهموا بالإطالة له والترتل والترسل ، وعند ما ذكره الله سبحانه من ناشئة الليل ، ففي ذلك ما
__________________
(١) في المخطوطتين : فهي. ولعلها مصحفة. والصواب ما أثبت.
(٢) أخرج الآجري في حملة القرآن عن ابن مسعود : لا تنثروه نثر الدقل ، ولا تهذوه هذ الشعر ، قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة. الإتقان / ١٠٨.
وعن ابن مسعود قال : إن قوما يقرءونه ينثرونه نثر الدقل لا يجاوز تراقيهم. أخرجه الترمذي برقم ٥٤٧ ، وأحمد برقم ٣٨ ، ٥٦ ، ٣٧٧١ ، ٣٧٦٢.
وعنه أيضا وقد قال له رجل : إني أقرأ المفصل في ركعة. فقال : أهذّا كهذّ الشعر ، ونثرا كنثر الدقل. أخرجه أبو داود ١١٨٨ ، والنسائي ٩٩٥ ، والبخاري ٧٣٣ ، ٤٦٥٥ ، بلفظ أهذّا كهذ الشعر فقط. والدقل : التمر الرديء اليابس.