وصحة الناحية ، (٢) وتكافئ السريرة والعلانية ، وسلامة القلب ، وحضور اللب ، فافهموا يا بني.
وأما اللواتي اجتنبتها (٣) ، فمهازلة الحمقاء ، ومشاحنة الأدباء ، وترك ما تشره (٤) إليه النفس من عرض الدنيا ، والمكاثرة والحقد ، والظغن والحسد ، والاسترزاء للحرّ والعبد ، والمماكسة (٥) فيما يكسب الحمد.
يا بني فبعض هذه الخصال طبعت عليه بالتركيب ، وبعضها استعنت عليه بقبول تأديب الأديب ، والتمثل (٦) بالأريب اللبيب ، مع رغبة حداني عليها طلب الازدياد ، مما أرجو به النجاة في المعاد ، والزلفة يوم التّناد (٧).
[فضائل الأعمال]
فلم أر مما أتاه الله العبد شيئا أفضل من التقوى ، ولا أنجع (٨) في العقبى من السّلوّ عن الدنيا ، وبيع ما يزول بما يبقى ، ورأيت خير ما ينشأ مع المرء العقل المولود ، (٩) والمذهب المحمود ، والفهم العتيد ، وكمح (١٠) النفس عن الشهوات ، وقصرها عما تدعو إليه من
__________________
(٢) الناحية : العلم. قال الشاعر :
أيكني إليها وخير الرسول |
|
أعلمهم بنواحي الخبر |
قال في اللسان : إنما يعني علمهم بنواحي الكلام.
(٣) في (ب) و (د) : تجنبتها.
(٤) تشره : تطمح وتحرص.
(٥) المماكسة : هنا بمعنى الحرص.
(٦) التمثل : الاقتداء.
(٧) يوم التناد أي : يوم المناداة. وهو يوم القيامة.
(٨) أنجع : أفلح.
(٩) يريد العقل المكتسب بالتجارب.
(١٠) العتيد : الحاضر السريع. والكمح : المنع والصد.