قال : العقل الذي يعرف (١) به نعمة الله ويعينه على شكرها ، وقام بخلاف الهوى ، حتى عرف الحق من الباطل ، والضر من النفع ، والحسن من القبيح.
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : الإيمان ، وحقيقة (٢) الإيمان : الإخلاص وصدق النية ، حتى إذا عملت عملا صالحا لم تحب أن تذكره ، وتعظّم من أجل عملك ، ولا تطلب ثواب عملك إلا من الله ، فهذا هو إخلاص عملك ، فإن عملت عملا وأحببت أن تذكر وتعظّم من أجله (٣) ، فقد تعجلت ثوابه من غير الله ، ولم يبق لآخرتك منه شيء.
[المناجاة]
قال الوافد : فما تقول في المناجاة؟
قال العالم : لا تكون المناجاة ، إلا على (٤) الرجاء والمصافاة ، بقلب سليم من الآفات ، والظنون والغيبات ، ثم تقول : إلهي إن لم أكن لحقك راعيا ، لم أكن لغيرك داعيا ، وإن لم أكن في طاعتك مسابقا ، لم أكن لأعدائك مطابقا ، وإن لم أكن لك عابدا ، لم أكن لآياتك معاندا ، وإن لم أكن لحبك واجدا ، لم أكن لغيرك ساجدا ، وإن لم أكن إلى الخيرات مسارعا ، لم أكن لباب الخطيئات (٥) قارعا ، وإن لم أكن لحدودك (٦) حافظا ، لم أكن بكلام السوء لافظا (٧) ، وإن لم أكن في الصلاة خاشعا ، لم أكن لأعدائك خاضعا ، وإن لم أكن في سبيلك مجاهدا ، لم أكن لدليلك جاحدا.
__________________
(١) في (ب) : عرفك نعمة الله وأعانك.
(٢) سقط من (أ) : الإيمان وحقيقة.
(٣) في (ب) : أجل ذلك.
(٤) في (ج) : مع.
(٥) في (ج) : الخطايا.
(٦) في (أ) : للحدود.
(٧) في (ج) : ناطقا.