كله ، فقد أتم بإذن الله طهوره وأكمله. ومن لم يغسل من ذلك كله ، ما أمر الله بغسله ، فهو عندنا في ذلك كمن لم يتوضأ ، ولم ينتفع مع تركه لذلك بما أدى ، ولزمه ـ بتقصيره ـ إعادة ما صلى. ووجب عليه الوضوء لما ترك منه مستقبلا.
وتأويل الوضوء في اللسان فإنما هو الإنقاء ، كما قلنا لكل ما وضي أو توضأ.
باب القول في المشرك
وكذلك إن أصاب شيئا من جسده ، مشرك بثوبه أو يده ، فهو في النجاسة كغيره ، ولن يطهر أبدا إلا بتطهيره ، فإن سقط مكان ما أصاب المشرك بجسده أو ثوبه عنه ، ولم يثبت ذلك المكان بعينة ولم يوقنه ، كان عليه غسل جسده كله ، ولم يطهر أبدا إلا بغسله.
وكذلك كلما أصاب ناحية من جسده من ميتة الأنعام ، أو ذبيحة أهلّ بها لغير الله في حل أو حرام ، والحكم عليه في غسله وتطهيره ، كالحكم عليه فيما ذكرنا من غيره ، يغسله من مكانه إن علمه بعينه ، وإلا غسل له جميع بدنه.
ومن أوكد ما على من لمس كل مشرك أو ثوبه ، أو مجلسه أو مركبه ، وكل من يشاق الله سبحانه بكبائر العصيان أو يعصيه ، فلا يجوز أن يتخذه مؤمن قبلة أو سترة ، لأنه ليس بطاهر وليس ممن له طهارة ، ولو طهر بالماء وتطهر فأكثر ـ ما عتا في أمر الله واستكبر ـ لأن الطهارة عند الله سبحانه طهران ، أحدهما طهر النفس والآخر طهر الأبدان.
فطهر الأنفس قبل أبدانها ، هو براتها من كبائر عصيانها.
وطهر الأبدان هو ما حددنا من الوضوء ، فيما أمر الله سبحانه بغسله من كل عضو ، فمن لم يطهرهما جميعا لم يكن طاهرا ولا مطهرا ، ولم يجز لمؤمن أن يتخذه قبلة ولا سترا ، وكذلك هو أبدا حتى يتوب إلى الله سبحانه ويرجع ، ويقصر عن مشاقته لله سبحانه وينزع.
فهذا ما لله على المصلي إذا صلى ، فرضا كانت صلاته أو تنفلا ، في الطهارة من