تفسير سورة الماعون
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته صلوات الله عليه عن تأويل : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) (٧)؟
فقال : تأويل (أَرَأَيْتَ) هو تعريف ، وتبيين من الله وتوقيف ، لرسول اللهصلىاللهعليهوآله ، ولمن آمن بما أنزل من الوحي والكتاب إليه ، لا رؤية مشاهدة وعيان ، ولكن رؤية علم وإيقان ، كما يقول القائل لمن يريد أن يعرفه شيئا إذا لم يكن ذلك الشيء له ظاهرا جليا : أرأيت كذا وكذا يعلم علمه ، يريد بأرأيت توقيفه على أن يعرفه ويعلمه ، على حدود ما فهمه منه وأعلمه ، فأعلم الله سبحانه رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن نزل عليه معه وبعده هذا البيان ، أن الذي يكذب بيوم الدين من الناس أجمعين ، ويوم الدين : فهو يوم يجزي الله جلّ ثناؤه العاملين ، بما كان من أعمالهم ، في هداهم وضلالهم ، وهو يوم البعث حين يدان كل امرئ بدينه (١) ، ويرى المحسن والمسيء جزاء العامل منهما يومئذ بعينه (٢) ، وتكذيب المكذب بيوم الدين ، فهو : ارتيابه وإنكاره فيه لليقين ، وذلك ، ومن كان كذلك ، فهو الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ، ولارتيابه فيه وتكذيبه ، ولقلة يقينه به ، دعّ اليتيم ودعّه له : هو دفعه ، عن حقه ومنعه ، وتكذيب المكذب بالدين ، لم يحض غيره على إطعام المسكين ، وفيه وفي
__________________
ـ وأخرج الزبير بن بكار ، وابن عساكر عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : توفي القاسم بن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكة ، فمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو آت من جنازته ، على العاص بن وائل وابنه عمرو فقال حين رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني لأشنؤه. فقال العاص بن وائل : لا جرم لقد أصبح أبتر ، فأنزل الله (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ). الدر المنثور ٨ / ٦٥٣.
وأخرج ابن سعد ، وابن عساكر أنها نزلت في العاص بن وائل السهمي. الدر المنثور ٨ / ٦٥٢.
(١) في (أ) : بذنبه.
(٢) في (أ) : بعمله.