وصدق واحد غير مختلف ، ولا متفاوت وإن نسخ وبدّل وصرّف ، بالنسخ له ، والتبديل ونقل كله ، أمر من الله ونهي ، وتنزيل من الله ووحي.
وقد ينسخ الله إلقاء الشيطان ، فيما ينزله الله من وحي وقرآن ، بذكره له عنه ، وتبيين ما كان فيه منه ، فإذا ذكر الله ذلك كله ، وعرّفه جل ثناؤه من جهله ، نفاه من وحيه فأبطله ، فنقي (١) تنزيل الله من ذلك بإحكام الله له وتبرّا ، من كل وهن وتناقض عند من يبصر بعين فكره ويرى ، كقوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٢) [الحج : ٥٢]. وتأويل ألقى في أمنيته : إنما هو إلقاء في قراءته وتلاوته ، وليس ذلك كما يقول من جهله من العامة إنه يلقيه ـ على اللسان ، فينطق به من رسول أو نبي ـ شيطان ، ولم يجعل الله سبحانه على رسول ولا نبي للشيطان ، مثل ذلك التمكن والقدرة والسلطان ، كيف والله تبارك وتعالى يقول : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠) [النحل : ٩٨ ـ ١٠٠]. وفي مثل ما قلنا ما يقول رب العالمين : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٤٢) [الحجر : ٤٢].
[خرافة الغرانيق]
وجهلة العامة يزعمون أن الشيطان ألقى على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يتمنى ويقرأ : أذكر آلهة قريش من اللات والعزى ، فقرأ في ذكرها : (وإن تلك لهي الغرانيق العلى ، وإن شفاعتها (٢) عند الله لترتجى) (٣) ، هذا لا يجوز على رسول الله صلى
__________________
(١) في المخطوطتين : فبقا. مصحفة. والصواب ما أثبت.
(٢) الغرنيق : الشاب الأبيض الناعم. وطائر أبيض. وفي (أ) : العليا. وفي (ب) : شفاعتهم.
(٣) رواه في مجمع الزوائد ٧ / ١١٥. ـ